الأم كلمة صغيرة، وحروفها قليلة، لكنها تحتوي على أكبر معاني الحب والعطاء والحنان والتضحية، وهي أنهار لا تنضب ولا تجف ولا تتعب، متدفقة دائما بالكثير من العطف الذي لا ينتهي، وهي الصدر الحنون الذي تلقي عليه رأسك وتشكو إليه همومك ومتاعبك. الأم هي التي تعطي ولا تنتظر أن تأخذ مقابل العطاء، وهي التي مهما حاولت أن تفعل وتقدم لها فلن تستطيع أن ترد جميلها عليك ولو بقدر ذرة صغيرة، فهي سبب وجودك على هذه الحياة، وسبب نجاحك، تعطيك من دمها وصحتها لتكبر وتنشأ صحيحا سليما، هي عونك في الدنيا، وهي التي تدخلك الجنة بإذن الله.
في الركن يبدو وجه أمي لا أراه لأنه سكن الجوانح من سنين، فالعين إن غفلت قليلا لا ترى لكن من سكن الجوانح لا يغيب وإن تواري، مثل كل الغائبين يبدو أمامي وجه أمي كلما اشتدت رياح الحزن وارتعد الجبين، الناس ترحل في العيون وتختفي وتصير حزنا في الضلوع ورجفة في القلب تخفق كل حين، لكنها أمي يمر العمر أسكنها وتسكنني وتبدو كالظلال تطوف خافتة على القلب الحزين منذ انشطرنا والمدى حولي يضيق وكل شيء بعدها عمر ضنين صارت مع الأيام طيفا لا يغيب ولا يبين طيفا نسميه الحنين.
تستطيع أن تشتري كل شيء إلا الوالدين. طيبة الأب أعلى من القمم، وطيبة الأم أعمق من المحيطات. لو جردنا المرأة من كل فضيلة لكفاها فخرا أنها تمثل شرف الأمومة. حب الأم يهب كل شيء، ولا يطمع في أي شيء.