أكثر شعب مسيس في العالم هو الشعب الكويتي لا تكاد تثير موضوعا عن الشأن العام في ديوانية أو مكان عمل أو حتى يوم الجمعة زوارة الأهل حتى يثور الحماس وتنتفخ الأوداج وتعلو الأصوات شعب «قاعد للحكومة قعدة» ويعلق على كل صغيرة وكبيرة تقوم بها ومع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي زادت محنة الحكومة ان هي أو إحدى الهيئات التابعة لها تعثرت بأحد المشاريع أو أخفقت فيه يا ويلها ويا سواد ليلها سيتم جلدها ليل نهار وستنتشر النكات والشماتة، هذا غير الانتقادات التي تصل في كثير من الأحيان للسب والشتم.. شعب يضع حكومته تحت المجهر ويشرح كل تصرفاتها بل حتى تصريحات مسؤوليها تصبح أحيانا مادة للتندر والسخرية ويتم تركيب فيديوهات ومقاطع عليها للمزيد من السخرية، حتى ان الكثير من المسؤولين توقفوا عن التصريح واكتفوا بترك تلك المهمة لادارات العلاقات العامة في وزاراتهم ومؤسساتهم.
هذه الحكومة ترتاح سنويا أو يخف الدوس عليها 4 أشهر في السنة وهي الأشهر التي يسمح فيها بالتخييم وفيها ينتشر الكويتيون في صحراء بلدهم الشاسعة وينشغلون نوعا ما عن الحكومة، ويمتلئ التايملاين في تويتر والانستغرام بصور الخيام والدوة والحطب الذي يشتعل وينشغل الواتساب بأحاديث البر والأوقات الجميلة التي يقضونها فيه وشيء غريب يحدث لنفسيات وأخلاق الكويتيين الذين تعودوا على التحلطم والتذمر فترى الصدور اتسعت والأخلاق تبدلت للأفضل، كل هذا فقط لأنهم «دجوا» في البر ووجدوا فيه شيئا يشغلهم عن السياسة والحكومة.. الآن الحكومة بدلا من أن تشجع هذا الأمر وتساعد على اتساعه وازدهاره (أقصد موسم التخييم) نراها هذه السنة ضيقت على الناس وحشرتهم في بقع صغيرة محددة للتخييم بعد أن كان البلد كلها مفتوحة لهم وهو أمر سيؤدي إلى تزاحم شديد ومشاكل عديدة ستنشغل بها الداخلية وستعمل لها صداعا «وكأنها ناقصة» وكذلك وضعت شروطا ورسوما ستعمل على تعقيد موضوع التخييم إلى مرحلة أن الكثير من الناس لن يذهبوا للبر هذه السنة.
الأفضل هو ترك حرية الناس للتخييم في أي مكان يريدونه طبعا مع الابتعاد عن الأماكن الحساسة كالنفط والجيش وبالنسبة للنظافة تقوم فرق البلدية بالانتشار بين المخيمات وتحديد احداثيات وموقع كل مخيم وثانيا تأخذ الرقم المدني لصاحب المخيم وبعد انتهاء موسم التخييم تنتشر آليات شركات النظافة «صاحبة العقود المليونية» وتقوم بتنظيف أماكن التخييم من المخلفات العادية لكن في حالة وجود مخالفات جسيمة كصبات الاسمنت والكونكريت وحفر الحمامات، أعزكم الله، يتم الاتصال بصاحب المخيم لازالتها وان لم يفعل تطبق عليه الغرامات.
نقطة أخيرة: الناس مخنوقة من الاحتقان السياسي الشديد في البلد دعوهم ينتشروا في الصحراء، لتهدأ النفوس وتتعدل الأمزجة.
www.leeesh.com