يوميا يتكرر نفس المنظر في مستوصف المنطقة خاصة عند عيادة النساء وقبل إغلاقها بساعة أو ساعتين، تتكدس عشرات السيدات أمام العيادة والطلب واحد، دكتور لو سمحت أبي طبية، إذا كان الدكتور واقعيا ويريد تمشية الأمور وعدم إضاعة وقت يستحقه المرضى الحقيقيون الواقفون خارج عيادته ضغط الكمبيوتر وطبع الطبية، أما إذا كان دكتور «حقاني» ويرفض إعطاء من لا يستحق طبية فإن الجدال بينه وبين من تريد الطبية سيمتد على الأقل إلى ثلاث دقائق وينتهي أحيانا بشجار وتوجيه كلمات قاسية للطبيب الذي سيثور لكرامته ويخرج من العيادة غاضبا وهو يكلم نفسه.
والذي يدفع الثمن في كلتا الحالتين هو المريض الحقيقي الذي يتلوى من الألم خارج العيادة ولا يستطيع الدخول بسبب أهل الطبيات.
من بداية تطبيق نظام الطبيات الجديد وهناك هجوم كثيف ومتواصل على مستوصفات الضواحي للدخول على الطبيب للحصول منه على طبية، وفي كثير من الحالات لا أبالغ بالقول إنه من بين عشرة مرضى خارج غرفة الطبيب منهم سبعة أتوا لأخذ طبيات، تصوروا كم من الوقت والجهد يتم استنزافهم بسبب هذه الطريقة التي تحولت إلى أوتوماتيكية.
كل من يطلب الطبية يتم إعطاؤه ونادرا ما يرفض طلب أحد لعدم تضييع الوقت في النقاش والجدال الذي يعتقد الكثير من الأطباء أنها معركة خاسرة، فإن لم يعط هذا المريض طبية فسيذهب لدكتور آخر يعطيه إياها أو يحضر واسطة من المستوصف كالكاتب أو أمين المستوصف، لذلك تجد الطبيب يختصر الموضوع ويسأله «كم يوما تريد؟».
السؤال الذي يطرح نفسه «دام الدعوة سهالات» والجميع يحصل على طبية بمجرد طلبه إياها لماذا كل هذا العناء والجهد وتضييع وقت الدكاترة والتسبب في زحمة وهمية في المستوصفات؟ لماذا لا يتم إعطاء الموظف الطبية عن طريق التلفون؟ وكفى الله المؤمنين شر القتال.
في النهاية هذا الموظف سيدفع ثمن هذه الطبيات كخصم من راتبه وتقليل فرصه في الحصول على ترقية أو أعمال ممتازة والقانون نظم هذه العملية وهو إجراء متبع في أميركا وبعض الدول الغربية، فيكفي أن يتصل الموظف بجهة عملة ويطلب إجازة طبية (call in sick) وطبعا العملية منظمة وليست مفتوحة على الآخر فإذا تجاوزت طبياتك حدا معينا يتم فصلك بحجة العجز عن العمل.
بالنسبة للطبيات في الكويت فصدق أو لا تصدق أنها مصدر دخل لا بأس به للحكومة، فهناك مبلغ مالي مهول يتم خصمه من رواتب طالبي الطبيات يتراكم في نهاية السنة في ميزانية الوزارة.
نقطة أخيرة: الوضع الحالي هو إنهاك لمؤسسات الرعاية الصحية الأولية (المستوصفات) وتعطيل لها عن واجبها الأصلي بمعالجة أهل المنطقة كما أنها تسبب توترا كثيرا للطبيب الذي يرى نفسه قد تحول إلى فقط طباع للإجازات الوهمية، لذلك رأفة بالمستوصفات والدكاترة أرجو أن تفكر وزارة الصحة في اقتراحي بإعطاء الطبيات عن طريق التلفون وليتحمل الموظف تبعات الطبيات الكثيرة مع جهة عمله.
www.leeesh.com