لو تصورنا العالم خاليا من الخيانة، نظيفا من الغدر، لا مكان فيه لخداع أو نفاق، لا يوجد ما يسمى بالفساد، ولا بالجروح التي تترك في النفس ندوبا لا تعالج.. لو سيطر على الكون اللون الوردي وأصبح هو اللون المتعارف عليه، هو الحياة والحياة هي الأمل والحب والفرحة.
لو نظرنا للموت كنظرتنا للولادة وأدركنا انهما طريقان للحياة وللبداية لا نهاية مؤلمة فيها، لو طالعنا جميع نساء الأرض على أنهن الأم والأخت والابنة لعرف الرجل كيف يحترم المرأة ولا يعتدي على عرض واسم ولو نظرنا للرجال على أنهم الأب والأخ والابن لساد الوئام بين قطبي البشر (ذكر وأنثى)، لو غرسنا النبتة وسقينا الزرعة واعتنينا بالشجر لصار هناك ألف ظل وشعرنا بنسمات الربيع تظللنا والندى يعلق بشعر وبشرة. لو أحببنا الآخر كحب الذات دون التربع في أنانية مطلقة أو نرجسية مجنونة فهل كان سيصبح للحقد مكان أو للكره عنوان؟
التفاؤل شيء رائع خاصة لهؤلاء الذين جاءتهم الصفعات من عدة جهات، قاسية ومؤلمة ومن زوايا غير متوقعة ومن أياد لا ننتظر أن تأتينا الصفعات من جانبها، لو علقنا على الأمل كل حياتنا وقلنا لابد أن يكون الغد أجمل من اليوم وأحلى من الأمس.
كنا لابد أن نشعر بالسلام والسلام يكون مع النفس..داخل العقل يتغلغل في الداخل في الدم وعبر الشريان ومع دقات القلب، كنا شعرنا بأننا نعيش في عالم جميل تحيط بنا الأزهار من كل جانب وصوت النهير يدور في الذهن كصوت فيروز في الصباح يتبعه الهديل والزقزقة دون تدخل الغراب أو نعيق البوم.
وصوت الأم يدنو في لحظة منام الوليد يدغدغه الصوت فيغفو، من منا ليس بحاجة لصوت الأم لحظة سيطرة الكوابيس؟ وأبدا الكوابيس لا تأتي فقط من الشياطين فهي تتسلل أحيانا من البشر وبعض البشر أكثر شرا من الشياطين.
الحزن المعقود في اللسان، تحت اللسان، في الفؤاد في نظرة العيون المتورمة، الحزن قدم من خلف السراب، سيطر بقوة وفرض ذاته رغم الرغبة في الهروب منه، من منا لا يحزن ومن منا لا يرغب في الهروب منه؟
لو راقب الفرد منا نفسه ورسم لحياته مسارا محددا يرفض فيه سيطرة الغير إن كانت هذه السيطرة مجنونة او ملعونة فتحرر من عذاب الآخرين ومن لسعات سياطهم عبر صوت أو يد عبر كلمة قاسية أو خيانة مغلفة بحب أو ادعاء حب، لو نظفت الأرض من عمل السحر وسيطرة السحرة وتفريق الحبيب عن حبيبه، لو وضع الفرد منا مخافة الله بين عينيه لرسم السلام كما نادى رسول السلام لو لم نتخذ من هابيل أو قابيل قربانا لما استمرت الجريمة في الحياة ولما قتل الإنسان غيره والقتل قد لا يكون في سفك الدماء، القتل يكون بالخيانة الملعونة وبمحاولات بعض النسوة تفريق الزوج والزوجة.
رؤيتي عالم من الصراعات وأقوى أنواع الصراع ذاك الذي يكون مع النفس.
[email protected]