السؤال الذي يفرض نفسه في المرحلة الحالية: لماذا فقد الشعب ثقته بمجلس الأمة؟ كان من ضمن نجاح الحياة السياسية في الكويت وجود مجلس الأمة، وقد تربينا نحن الكويتيين على مبادئه وسعينا طوال الفترات الزمنية السابقة الى مساندته ودعمه ونجاحه ووقفنا على مدى سنوات طوال نسعى لخدمة النواب قبل أن يسعوا هم لخدمتنا وكان المجلس مدعاة للفخر لنا كمواطنين.
وكنا نكتشف من خلال المناقشات الجانبية التي تحدث مع من لهم خبرات في الأمور السياسية من كل الدول العربية، أنهم يثنون على الحياة الديموقراطية في الكويت وينادون بأن تحذوا الدول الأخرى حذوها.
فماذا حدث حتى يتذمر اليوم المواطن العادي من المجلس؟ لماذا فقد المجلس ثقة ناخبيه؟ لماذا هذا التراجع الشديد لإعطاء الصوت والانتخاب؟ لماذا يقول البعض انني أرفض فلانا أو فلانا؟ لماذا يعترض البعض على سياسات الأعضاء؟ لماذا ترغب الغالبية في فض المجلس وحله؟ لماذا صفق البعض لما حصل في ندوات «إلا الدستور»؟
أسئلة عديدة تنم عن خطر يهدد الديموقراطية التي جبل الكويتيون عليها وأسئلة كثيرة تعطي دلالة قاطعة على خلل حاصل في مجلس الأمة. هذا الفتور الحاصل بين المجلس والشعب لا أعتقد أن للشعب دورا فيه إلا في سوء اختيار نائبه لكن الصورة المظلمة في الموضوع هي النائب نفسه. فالأمور خرجت عن نطاق المعقول في كلام وتصرفات بعض النواب. أمور لم تكن ملموسة في السنوات السابقة ولم تحدث إلا في السنوات القليلة الماضية.هل هي اختلافات ثقافات أم هي اختلافات مصالح؟
إن كان للاستجواب حق دستوري فيجب أن يكون له حق أخلاقي، فمن غير المعقول أن يتحمل الوزير تراكمات سنين من الفساد الإداري ويطالب بالإصلاح الفوري دون أن أعطيه الوقت الكافي للإصلاح والمعالجة. ومن غير المنطقي أن ما يقال عن وزير ما هو نفسه ما يقال عن وزير آخر.
ولم لا يعترف الأعضاء بأن غالبية الأخطاء الموجودة في وزارات الدولة لهم يد فيها. وهل لو أعطيت وزارة ما لنائب هل يقدر على معالجة السلبيات بالسرعة المطلوبة من الوزراء!
وهل الاستجواب إن اقتنع البعض به يكون بهذه الصورة السيئة في الطرح والصوت العالي وعدم الاحترام؟!
وهل يقبل النائب أن يحاسب على أعماله وتصرفاته كما يحاسب الوزير وإن ردد أن الاستجواب حق له دون غيره؟!
وهل لا توجد للنواب الأفاضل أي عيوب أو زلات؟ من المفروض أن يقوم الشعب أيضا باستجواب النواب على أخطائهم وإهمالهم.
إن الشعب متذمر من النائب أكثر من تذمره من الوزير لأنه اختار الأول فيجب أن يكون على قدر ثقته.
أتمنى من النواب الأفاضل الاستماع للشعب والوقوف على رأيه ومتابعة مشاكله والعمل على حلها ولا أقصد أن يكونوا نواب خدمات بل النظر للأمور من زاوية المصلحة العامة والمشاكل التي تأخذ صفة العموم. أتمنى منهم التروي في جانب الاستجوابات لأنها فقدت مصداقيتها ولم يعد الشعب يفضل غالبيتها إلا في الأمور العظيمة. وليت الغالبية يفهمون مقالي هذا بالصورة الصحيحة التي أريد من ورائها مصلحة الوطن أولا ومصلحة الشعب والنواب.
[email protected]