كانت لي أمنية أشبه بأحلام اليقظة أن تكون وظيفتي مراقبة للشوارع بكل ما فيها ومرتبة مع جهات الاختصاص حول النظافة والجمال والمرور، كنت أتمنى لو ملكت تلك السلطة لما جعلت عامل النظافة يعمل بأدوات بدائية وغير حضارية ويدور في أمتار محدودة قريبة من إشارات المرور طمعا في مبالغ مالية يتصدق بها الطيبون من أبناء بلدي بينما في غالبية دول العالم حتى الفقيرة منها يجر عربة غاية في النظافة مريحة له تتضمن جميع مستلزمات النظافة بأنواع وأحجام مختلفة يدور بها في الشوارع المحددة له بكل أطرافها وجوانبها لا يكتفي بإشارات المرور أو المنازل التي يدفع له أهلها مالا وخلافه، ربما لأن الخصخصة عند هؤلاء تختلف عن الخصخصة في بلدنا والتي يراد بها الربح الوفير دون مراعاة لمصلحة البلد، في الدول الأخرى حتى لأعقاب السجائر أدواتها وروائح الماء حين ترش الشوارع ليلا، نحن في الكويت لم نعد نعرفها كما لم نعد نرى سيارات النظافة التي تعمل على كنس الشوارع إلا ما ندر.
لو تحقق حلمي لعاد الشرطي الذي يدور في الأزقة والأحياء يعطي الهيبة للشرطة يبث الرعب في نفوس سارقي المناهيل والمال العام، يرفض تجمع السواق الآسيويين والعابثين في سلة المهملات والباعة المتجولين ولعب الميسر في أطراف الشوارع من قبل الخدم الرجال وهؤلاء النسوة المتسولات.
كان الشرطي يمر في شوارع الدول الأخرى يتابع حتى الصبية أثناء شجارهم فيمنعه بما له من هيبة واحترام، وطل آخر مخالفا للسيارات الواقفة في الممنوع أو العابثة بأرصفة الشوارع التي ما أن ترصف حتى تحفر من جديد في بلدي، يحمل هذا الشرطي كاميرا ليسجل المخالفة ويوثقها بالصورة حتى لا يتدخل أعضاء مجلس الأمة ناكرين الفعلة متعاطفين مع المخالف لمصلحة ما.
كنت أتمنى لو تزينت الكويت بنصب تذكارية تدل على بطولات شعب وتؤرخ تاريخ دولة وتحافظ على تراث بلد ومجتمع وليس بالضرورة أن تكون أصناما حتى لا يحتج من يريد أن يحتج، فالبحرين مثلا جمال شوارعها في مراكب ونخيل ودانات ومجسمات تحكي تاريخ البلاد، كنا نستمتع في الماضي بنوافير الماء التي تخفف من حرارة الجو في الطرق والحدائق، واليوم ما عاد للنوافير وجود.
ولكنتُ أحييت قوانين جميلة سنها من كان قلبه حقا على البلد اختفت تلك القوانين بفعل من قلبه ليس على البلد مثل قانون حزام الأمان واستخدام الموبايل والنظافة بعدم إلقاء البقايا في الشوارع أو البصق فيها.
آه يا بلد حين انتشرت الواسطة بصورة فظيعة وللأسف كان أعضاء مجلس الأمة على مدار السنوات الأخيرة هم من زادوا الطين بلة فكثر عدد العاملين العاطلين عن العمل الذين يطمعون في الراتب ولكن دون عمل أو إنتاج وبإجازات مرضية دون مرض تفرغ دون عمل ناسين ان الله سيحاسبنا يوما عن المال الذي نكسبه دون وجه حق.
إن المخلصين في هذا البلد يؤلمهم ما حال إليه حالها من تأخر في كل شيء تعليم وصحة وإدارة وإنتاج، وشوارع مخزية وقذارة في كل مرافقها..لكن كما يقال «يد واحده لا تصفق»، ففي كل مطارات العالم لا يوجد ما نراه في مطارنا من إهمال للنظافة وحمامات متهالكة تفتقر إلى أبسط قوانين النظافة مع انتشار وباء انفلونزا الخنازير حتى حمامات قاعات الدرجة الأولى مخجلة ومع الاعتماد على عمالة بنغلاديش يزداد الأمر سوءا، في كل دورات المياه المستخدمة من قبل الجمهور سواء كانت في المجمعات التجارية أو المطارات تتجدد باستمرار وتحافظ على مظهرها ومرافقها وخدماتها إلا في الكويت، حقيقة لا أدري أين الخلل، نحن كما كررت سابقا بحاجة لقانون، قانون يحترمه الكبار قبل الصغار، يساعد فيه أعضاء مجلس الأمة لا أن يكونوا أول المساعدين على اختراقه، نحن بحاجة لتطبيق القانون وفرضه بالقوة وإعطاء رجال الشرطة الهيبة وحرية التصرف مع المخالفين دون تدخل الواسطة ودون منع استخدام السلاح حتى لا نرى مخالفة القانون من الجميع مواطنين ومقيمين، حتى وإن كان رجل الشرطة على بعد أمتار قليلة. وأخيرا أتمنى من هيئة الزراعة العودة بجدية لتخضير البلد كما نادى ـ رحمه الله ـ الشيخ جابر الأحمد. فالإهمال بدأ يطال هذه الهيئة، وآه يا كويت يا أحلى بلد.
[email protected]