من الدروس المستفادة التي أكدها المستشارون الدوليون- الذين عملت معهم في المنظمات الدولية والتقيت بهم في اجتماعات تلك المنظمات على المستوى الدولي والإقليمي والمتعلقة بالوقاية والتصدي للإيدز ضمن الالتزام بالأهداف الإنمائية العالمية ومنذ عام 2000 وحتى الآن- هي أهمية دقة الإحصائيات وتدقيقها خلال المراحل المختلفة ابتداء من مصدر الإحصائيات وحتى مراحل إعداد التقارير الوطنية، لأن الإحصائيات المتعلقة بالأوبئة والأمراض السارية هي في الواقع مؤشرات للأمن الصحي لأي دولة.
وهذا، ما دعت إليه الأهداف الإنمائية للألفية الثالثة والأهداف العالمية للتنمية المستدامة حتى عام 2030، فقد نصّت بصراحة على الوقاية والتصدي للأوبئة والأمراض السارية، سواء المستجدة أو التي عاودت الظهور، والعدوى بالجراثيم متعددة المقاومة للمضادات الحيوية، وفي حالة وجود اجتهادات لأي سبب من الأسباب، أو وضع رتوش تجميلية على الإحصائيات فإنها تصبح مضللة لمتخذي القرار وقد تضع الحقيقة في أقل من حجمها، أو تؤدي إلى تهويل لا مبرر له وتشخيص أوبئة لا وجود لها وهو ما يترتب عليه إزعاج للسلطات واتخاذ قرارات غير مبررة، بل وهدر في الموارد والميزانيات.
إن هذا الاهتمام العالمي بدقة الإحصائيات المتعلقة بالأوبئة والأمراض السارية كضرورة من ضرورات حماية الأمن الصحي يجب أن يُترجم على أرض الواقع العملي بتطوير نظم الإبلاغ عن الأوبئة والأمراض السارية والإدارة العلمية لأي وباء، والتأهب والاستعداد الدائم بالإحصائيات والأرقام الدقيقة وعدم وجود اجتهادات.
ولم يعد مقبولا في عصر المعلومات الحديثة أي عذر لعدم استخدام وسائل الاتصالات الحديثة للإبلاغ عن الحالات وتحليل الأوبئة وسرعة التواصل بين الأطراف المختلفة، وبعيدا عن روتين الصادر والوارد والمراسل والسجلات الورقية العقيمة التي تعتبر من علامات التخلف الإداري غير المقبول للتعامل مع الأوبئة والأمن الصحي.