عندما نخطط للمستقبل بخصوص أي موضوع فإنه يجب أن يسبق ذلك تقييم محايد وعلمي وحقيقي للواقع لتحديد الوضع الحالي ونقاط الضعف ونقاط القوة التي يبنى عليها المستقبل. ولو نظرنا إلى واقع الخدمات الصحية في الكويت فإن هناك العديد من الإنجازات التي تحققت خلال فترات تولى فيها وزارة الصحة وزراء كانت لديهم رؤية واضحة وكانوا يهتمون بالتخطيط قصير ومتوسط وبعيد المدى وبطريقة كانت واضحة في قرارات وزارية صدرت بالوزارة خلال فترة ما قبل الغزو الآثم في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي. وعندما ندرس هذه القرارات الوزارية والقوانين المتعلقة بالصحة ندرك أن التخطيط العلمي كان أسلوبا واضحا في برنامج الوزارة وكان للوزراء بصمات واضحة لم تقتصر فقط على وزارة الصحة بل إن وزير الصحة الأسبق د.عبدالرحمن العوضي قد استعانت به الدولة وكلفته بوزارة التخطيط إلى جانب وزارة الصحة، ولكن الاهتمام بالتخطيط تراجع لاحقا وبسرعة وبشدة ليحل محله التخطيط للعلاج في الخارج والتخطيط لاتخاذ قرارات ما هي إلا ردود أفعال وليست مبنية على دراسات علمية ولا تتبع خطة محددة. وقد تألمت كثيرا عندما حاولت مرارا أن أجد وثيقة وطنية للصحة في الكويت تتضمن رؤية مستقبلية ورسالة وأهدافا وغايات واضحة وتغطي فترة زمنية محددة سواء كانت 5 سنوات أو 10 سنوات أو 20 عاما فلم أجد ما أبحث عنه بل إن خطة التنمية التي تبنتها الحكومة لا ترتقي للطموحات المستقبلية المتعلقة بالصحة ولا أعلم ما هو السبب وكيف نعالج ذلك بالسرعة الممكنة لتدارك غياب التخطيط العلمي للأمور المختلفة ذات العلاقة بالصحة، حيث ان بناء المستشفيات الجديدة وتوفير الأجهزة المتطورة ليس سوى جزء يسير مما نتطلع إليه من أهداف وغايات تتعلق بالصحة وإن كان لوزارة الصحة بعض العذر لعدم وجود المتخصصين لديها في مجال التخطيط فإنها تستطيع الاستعانة بصديق أو أصدقاء من المنظمات الدولية وحتى يكون لدينا وثيقة وطنية ملزمة للوزارة ولجميع المسؤولين ولسهولة المراقبة والمحاسبة بشفافية كاملة مثلما تفعل دول العالم المتقدمة.