في أول عدد لمجلة الرائد في شهر مارس عام 1952م (حقبة تدفق عائدات النفط) نشرت هيئة التحرير قصة للأديب الراحل فهد الدويري تحت عنوان «هكذا أضيئت بكين» نوردها كما نشرت: «حدث في قديم الزمان أن ذهب إمبراطور الصين إلى أوروبا في رحلة استطلاعية فلفت نظره بوجه خاص أن عواصمها تضاء بالأنوار ليلا حتى الصباح وأعجب بذلك أيما إعجاب ووطد العزم على أن يدخل هذه الناحية الجميلة من نواحي الإصلاح في بلاده.
ولما قفل راجعا إلى بلاده كان أول ما عمله أن استدعى رئيس وزرائه وقال له: اسمع إنني أود أن تضاء بكين بالأنوار ليلا فخذ هذا مليون جنيه أنفقه على المشروع وابدأ بالعمل حالا، وانصرف رئيس الوزراء يحمل المال إلى مكتبه واستدعى وزير الداخلية وقال له: لقد أمر مولانا الإمبراطور بأن تضاء بكين بالمصابيح ليلا وقد قدم جلالته نصف مليون جنيه للإنفاق على المشروع، وسلمه نصف مليون جنيه، وذهب الوزير بالمال وطلب وكيل وزارته فلما أتاه قال له: إن الإمبراطور يأمر بأن تضاء بكين ليلا وقد خصص للمشروع ربع مليون جنيه، ودفع لوكيل الوزارة ربع مليون جنيه. وذهب هذا إلى مكتبه واستدعى محافظ العاصمة وقال له: إن مولانا الإمبراطور يريد ان تضاء بكين بالمصابيح وقد رصد جلالته مائة وخمسة وعشرين ألف جنيه للإنفاق على مشروع الإضاءة، فتفضل هذا هو المبلغ وعليك أن تنفذ المشروع بسرعة.
وأصدر المحافظ أمره بأن يجتمع به كل المختارين بالمدينة فلما مثلوا بين يديه أخبرهم بأمر الإمبراطور وقال انه خصص لهذا المشروع ستين ألف جنيه ستوزع بينهم للقيام بتنفيذ الأمر المطاع، واقتسم المختارون المبلغ.
وفي الغد مر كل مختار على بيوت محلته وطلب من الناس أن يعلقوا على واجهات بيوتهم ومحلاتهم فوانيس تضاء حتى الصباح.
ورأى الإمبراطور في الليلة التالية أن عاصمته الجميلة مضاءة كلها. وهكذا أضيئت بكين .
انتهت القصة، تاركا لكم متعة التأمل والتعليق.
[email protected]