منصور الهاجري
جبل الكويتيون على حب الخير وعمل المعروف والاحسان منذ سنوات طويلة، وقد عرف الأجداد والآباء بالأعمال الخيرية التي كانوا يعملونها ويؤدونها، ومنها مساعدة الفقراء والمحتاجين من أبناء الوطن. كما ان المثقفين والمتعلمين عملوا على النهوض بالآداب والثقافة والعلوم الانسانية والاجتماعية، ففتحوا الأندية الثقافية والمكتبية العامة وجمعوا الأموال من التجار وأسسوا أول مدرسة نظامية في عام 1911 وبعد سنوات أيضا عملوا على جمع الأموال وأسسوا المدرسة الأحمدية وذلك عام 1921، هذه الأعمال والتبرعات لم تأت بضغط أو بإجبار المواطنين ولكن كان وراءها الدافع الانساني والغيرة على الوطن وحب الخير للناس، فقد عمل كل انسان من جانبه بقدر استطاعته ذاتيا.
وكان الحاكم يشجع أولئك الناس على حب العمل، كما ان الكويتيين الأوائل أسسوا وبنوا المساجد ودور الأيتام على نفقتهم الخاصة ومن أموالهم التي كانوا يحصلون عليها من أعمالهم الحرة بتعب وشقاء النفس والبدن.
فعمروا وطنهم بسواعدهم السمراء وتكاتفوا وتعاونوا لمصلحة بناء الوطن.
ولقد مرت على الكويت كوارث ومشاكل كبيرة وصغيرة اجتازها الكويتيون بحب بعضهم لبعض وحب وطنهم ليهنأوا ويعيشوا فيه بسلام.
وقد بنى اجدادنا السفن الخشبية وعبروا بها البحار والأنهار والمحيطات من اجل لقمة العيش وبناء الوطن، كان الجميع يعمل من اجل خدمة الوطن (الكويت)، وكان الكويتيون يعتبرون حبها مثل الفروض أو انه فرض عين ولم يتردد الكويتيون في الاستجابة لنداء الواجب، وما معركة الجهراء في عام 1920 الا نموذج حي للواقع الذي عاشه الكويتيون بذلك الزمن، تنادى الجميع فلبوا نداء الأمير والوطن أبناء البر والبادية ومن كان في المغاصات للبحث عن اللؤلؤ، جميعهم هبوا كرجل واحد.
كما كان الكويتيون في الغربة يمثلون وطنهم خير تمثيل يتعاونون ويساعد بعضهم بعضا، والأمثلة كثيرة في الشدة والرخاء ومن العمل بالبحر وزمن ما بعد النفط.
وقعت معركة في أحد الأسواق في مدينة كلكوت بالهند فتسارع الكويتيون ونزلوا من سفنهم وتوجهوا لنصرة اخوانهم من البحارة الكويتيين فتفوقوا على المعتدين وتمكنوا من ضربهم، وأغلقت المحلات بذلك السوق أبوابها، وعاد الكويتيون الى سفنهم مرفوعي الرأس.
الكويتيون عملوا بالبحر والبر، نقلوا الأموال والمواد بمختلف انواعها لم يخونوا الأمانة ولم يعرقلوا عمل سفينة أو ربانها، بل كانوا عزوة ويدا واحدة، ومن الأعمال التي تعاون فيها الكويتيون بالغربة انهم فتحوا المقاهي والديوانيات في الهند وفي أربع مدن كبرى فيها، فكان يجتمع بعضهم مع بعض وكل واحد يسأل عن الآخر اذا لم يشاهده لمدة يومين أو ثلاثة ويتفقده بالغربة ويمد له يد العون والمساعدة.
وخير دليل على ان الكويتيين كانوا يدا واحدة وجسما واحدا، الوقفة الكبرى والعظيمة التي وقفها كل الكويتيين خلف القيادة الحكيمة للكويت أثناء الاحتلال العراقي الغاشم حيث طبقوا الحديث الشريف عن النبي محمد ژ «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالحمى والسهر».
الوقفة المجيدة الطيبة للكويتيين لم يشهدها أي بلد في العالم، فقد طالب الكويتيون بعودة الشرعية الكويتية وعودة آل الصباح حكام الكويت ليحكموا وطنهم وأكدوا انهم لا يريدون غيرهم. هذا هو حب الوطن والغيرة والانسانية، وحب الحاكم والمحكوم بعضهم لبعض.
أمل كبير ودعوة مخلصة لأبناء الوطن (الكويت) بأن يحذوا حذو الآباء والأجداد، وان يعطوا من أنفسهم لهذا الوطن المعطاء الاخلاص في العمل ونبذ الحزازات والتفرقة بين المواطنين في جميع الأعمال.
ونبدأ بالقياديين والذين يتبوأون المقاعد الأمامية ألا يفرقوا بين المواطنين، ودعوة لنواب مجلس الأمة وأعضاء المجلس البلدي للعمل بالمساواة بين المواطنين وعدم التفضيل والتخصيص بين المواطنين وأن يجعل كل منهم حب الوطن فرضا عليه.