وقفت طويلا أمام اتهامات بعض رجال الكرملين للسعودية كونها تقف إلى جانب الإرهاب! ومسوغات هذه التهمة أن السعودية وقفت إلى جانب الشعب السوري وطالبت بحمايته من القتل الذي يتعرض له منذ سنة تقريبا وأيضا كون السعودية وافقت على تسليح الذين يدافعون عن أنفسهم وأعراضهم، باعتبار أن هذا حق مشروع لكل إنسان يتعرض للقتل، وهو حق كفلته قوانين الأرض والسماء دون منازع.
هذا الموقف الشريف من السعودية ودول خليجية أخرى جعل بعض المسؤولين الروس يسارعون إلى اتهام السعودية بأنها تدعم الإرهاب باعتبار أن السوريين الذين يدافعون عن أنفسهم إرهابيون، أي ببساطة يريد الروس من هؤلاء أن يستسلموا للموت والمذلة برحابة صدر، وربما بامتنان للقتلة وشكرهم على ما يفعلون!
لم أستغرب هذا الموقف الروسي العجيب، فالتاريخ الروسي يؤكد أن الحكومات الروسية المتتالية وحتى حكومة بوتين مارست كل أنواع الإرهاب والإجرام حتى أصبح هذا اللون من الإجرام سمة بارزة في السياسة الروسية، ولهذا فإن وقوفهم مع الأشخاص أو الدول التي تماثلهم في الإرهاب شيء غير مستغرب لأنهم يتماثلون في الصفات والأفعال.
من الصعب استعراض تاريخ الإرهاب الذي مارسه الروس في مقال كهذا ولهذا سأكتفي بإيراد بعض الشواهد ولعلها تغني عن الاستقصاء.
يذكر التاريخ أن الروس قتلوا أكثر من مليون مسلم في تركستان وهجّروا أكثر من مليون إلى سيبيريا ليموتوا هناك، كان هذا ما بين سنة 1934م - 1950م، كما هدموا كل مساجد المسلمين واستولوا على أوقافهم ومنعوهم من ممارسة عباداتهم، وكانت عقوبة حمل المصحف تصل إلى حد الإعدام أحيانا!
حملة الإعدامات الرهيبة على مسلمي الشيشان الذين طالبوا بالانفصال كانت علامة بارزة على الإرهاب الروسي، فقد قتلوا الآلاف بكل الأسلحة والطرق المحرمة وما زالوا يفعلون ذلك كلما تحرك الشعب الشيشاني مطالبا بحريته.. أما جرائمهم في أفغانستان ويوغوسلافيا فهي الأخرى قصة طويلة كلها أشجان وأحزان مازال المواطنون هناك يتذكرونها.
النظام الروسي يقف مع مثيله السوري الذي قتل حتى الآن أكثر من ثمانية آلاف ويسجن أضعافهم وهدم المنازل فوق رؤوس أصحابها في أكثر من مدينة وحي.. ومازال القتل مستمرا في كل أنحاء سورية وبطريقة وحشية، النساء تخطف وتغتصب، والأطفال يقتلون بالعشرات دون رحمة.
والأسد الصغير سار على نهج والده الذي قتل أكثر من ثلاثين ألفا في مدينة حماة، وربما يتفوق الابن على أبيه، فهل يجهل الروس كل هذه الجرائم؟ قطعا يعرفون كل ذلك ولكن حرصهم على مبيعات السلاح الذي يقتل به السوريون كان وراء موقفهم الشائن الذي أنكره العالم كله ما عدا بعض الدول التي لها مصالح في سورية.
ألم يسمع الروس ما قالته مندوبة الأمم المتحدة عن بابا عمرو؟! أم لم يسمعوا ما قاله آخرون عن الجرائم الهائلة التي يرتكبها النظام السوري؟ قطعا يعرفون كل ذلك، ويعرفون أن من يفعل ذلك حكومة سورية وليس الجماعات المسلحة المزعومة.
السعودية لم تقل غير الحق، وليس هذا رأي السعودية وحدها.. بل إن كل الدول الحرة تقف إلى جانب السعودية في حق السوريين في الدفاع عن أنفسهم بكل الوسائل الممكنة، فهل هذا يعد إرهابا؟! السعودية حاربت الإرهاب، وما تمارسه حكومة سورية إرهاب لا شك فيه ومن حقها أن تحاربه، ومن حق كل أحرار العالم أن يفعلوا مثلها.
على روسيا أن تخجل من فعلها وستدرك قريبا أنها أساءت إلى سمعتها ومكانتها عندما وقفت إلى جانب القتلة والإرهابيين.
[email protected]