مندوب سورية في الأمم المتحدة السيد بشار الجعفري كرر مرارا أن ما يجري في بلاده سببه ما تقوم به جماعات مسلحة ـ كما يحب أن يسميها ـ وأن هذه الجماعات تدعمها وتسلحها السعودية وقطر وتركيا ومع أنه يدرك أن أحدا لن يصدقه لأن العالم اليوم بكل ما يملكه من أدوات تستطيع التفريق بين الحقيقة وما يردده الجعفري وأمثاله، إلا أنه لا يجرؤ على قول غير ما يملى عليه من سادته في دمشق.
الجعفري وفي مؤتمره الصحافي الذي عقده في الأمم المتحدة ادعى أن من يقوم بقتل المواطنين هم من أتباع القاعدة، ومن السلفيين ومسلحون آخرون، لكنه لم ينطق بكلمة عن الجرائم التي يرتكبها الجيش والتي راح ضحيتها أكثر من عشرة آلاف سوري، وكذلك تهديم بيوتهم، وتشريد عشرات الآلاف، وقد أجد له عذرا في هذا التدليس فقد يصيبه ويصيب عائلته ما أصاب الآخرين لو تجرأ على قول بعض الحقيقة، ولكني لا أجد له عذرا في أكاذيبه التي دأب على تكرارها في كل مناسبة يتحدث فيها!
السعودية لها تجربة طويلة في محاربة الإرهاب، وفي التعاون مع دول أخرى في محاربته فكيف تقف معه أو مع دعاته؟ والسعودية وقطر ومثلهما تركيا تحركوا ـ أخلاقيا وإنسانيا وإسلاميا ـ للوقوف مع الشعب السوري وإنقاذه من القتل والتشريد، وهذه الوقفة تعبر عن رأي كل الدول في العالم ماعدا بعض الدول التي تعد على أصابع اليد الواحدة والتي تقف مع النظام السوري لتحقيق بعض المصالح المادية، فهل تلام الدول التي ذكرها الجعفري على هذا العمل النبيل؟
الغالبية العظمى من أبناء الشعب السوري سعداء بموقف السعودية وقطر وتركيا ويطالبونهم بالمزيد، فهل يلام هؤلاء على استجابتهم لمطالب الشعب السوري الذي يذبح كل يوم؟
وإذا كان السيد الجعفري يشكك بمواقف السعودية ـ ومن معها ـ فهل يستطيع التشكيك بمواقف السيد «كوفي عنان» الذي أعلن أكثر من مرة أنه ودولته يقف مع مهمة عنان، وأنه سعيد بهذه المهمة؟
السيد كوفي عنان في كلمته مساء الثلاثاء الماضي قال بوضوح: إن النظام السوري والجيش السوري لايزالان مستمرين في قتل المواطنين، وقال بوضوح: إن فشل مهمته ليس في صالح النظام السوري لأن البديل سيكون أسوأ فهل يستطيع الجعفري أن يتهم عنان بأنه يقف إلى جانب الإرهابيين؟
السيد «بان كي مون» أمين عام الأمم المتحدة هو الآخر اتهم النظام السوري بكل أنواع المذابح التي تجري في الشام.. فهل هو ـ أيضا ـ متآمر على النظام في سورية؟ الذي أود قوله إن الجرائم التي تجري في سورية ينبغي أن تتوقف، ولن يستطيع إيقافها إلا النظام السوري وحده... اما اتهام الآخرين فلن ينقذ النظام، كما أن تحميل من يطلق عليهم «الجماعات المسلحة» لن ينقذ النظام السوري ـ أيضا ـ لأنه غير صحيح، لا أحد يحب ما يجري في سورية، فالكل يحب لسورية أن تبقى للسوريين وليس لشخص واحد لديه الاستعداد لقتل الجميع لكي تبقى على سدة الحكم، ولكن هذه الأمنية لن تتحقق ما لم يغير الحاكم منهجه في الحكم.
كفى اتهامات لا قيمة لها، وعلى النظام السوري أن يعيد النظر في كل ما ارتكبه من جرائم ويتوقف عنها فورا ويعطي الشعب حقوقه.. وبهذا لن يجد من يسميهم: جماعات مسلحة ولا قاعدة ولا غيرهما.