بلاد الرافدين وصاحبة الحضارة التي تربو على 7 آلاف سنة، ومن أول الواضعين للقوانين التشريعية التي تنظم الحياة البشرية وصاحبة التربة الخصبة والثروة المائية والنفطية، ابتليت منذ بضعة عقود مضت ببعض الأنظمة التي أدخلتها في مسارات وحروب وخلافات بين أطياف شعبها وجيرانها الذين ترتبط معهم بصلة القرابة والمصالح المشتركة، وجغرافية الأرض التي لا يمكن استبدالها أيضا.
وهذه الأحداث لا يقبل بها أغلبية الشعب العراقي صاحب هذه الحضارة والذي دائما يتمتع بالنخوة والكرم والحمية، ولكنه ظلم من قبل تلك الأنظمة كما ظلم جيرانه بسبب هذه الحروب والتدخلات السافرة والمطالبات الزائفة التي لا تخدم إلا الأعداء والدائرين في فلكهم، ولذلك نطلب من الضمائر الحية ألا يصبوا اللوم على الشعب العراقي الذي كان مغلوبا على أمره في تلك الحقبة التي سبقت 2003، وأن يركزوا اللوم على تلك الأنظمة التي خدمت أعداء الأمة بتصرفاتهم الصبيانية والجنونية في نفس الوقت حتى انقلب السحر على الساحر، فنحن لا نكن لهذا الشعب ولا نتمنى له إلا الاستقرار ومزيدا من الديموقراطية حتى يسود الاستقرار بينه وبين جيرانه الذين لا يكنون له إلا كل الحب ويتمنون أن ينعم بثرواته الطبيعية ويبني بلاده بما ينفع الوطن والمواطن ويسود السلام بين أطيافه عربه وكرده من جنوبه الى شماله ومن شرقه الى غربه ومن دون هذه وتلك سيرجع في دوامة كسابقتها وهذا لا نتمناه لهذا الشعب العريق والذي تربطنا معه صلة الجيرة ولا نصغي لبعض الأبواق التي تبث سمومها عبر تصريحات ظالمة وغير مسؤولة ومدفوعة من قبل الذين لا يعيشون إلا على فتات الحروب والفتنة والنزاعات والشرذمة التي تهدم ولا تبني ولا يحصل من زوبعاتهم إلا الوهم وضرب من الخيال لم يتحقق ولا يمكن تحقيقه.
والكويت رسميا وشعبيا دائما لا تتمنى لكل جيرانها إلا مزيدا من الاستقرار وهذا ما جبل عليه أهل الكويت منذ فجر التاريخ، فهم دائما يحبون الخير والسلام ويسعون اليه لهم ولغيرهم، ونأمل ان يسود نفس الشعور لدى الآخرين حتى ينعم الجميع بهذه الثروات التي حبانا الله بها، ومواقف الكويت معروفة للقاصي والداني في هذه النواحي الإنسانية عربيا وإسلاميا.
ونرجو من الذين يطلقون التصريحات والاتهامات جزافا ان يكفوا عنها لأنها لا تخدم إلا جهات صاحبها «ما يطول شاربه»، وسبق أن رأيتموها مع من دار في فلكها سابقا.
ازرع يا فلاح واتهنى
ترى السما بيه غيوم
وختاما ننصح النظام العراقي وشعبه الشقيق ان يتخلصوا من إرهاصات الماضي المرير ويحذروا أعداءهم في داخل الجسم العراقي الذين يزفون التصريحات التي يعلمون ان نتائجها ستكون عكسية ولن يجنوا منها إلا تعطيل النمو والاستقرار لهذا البلد الذي يتمتع بثروات تغنيه عن الأطماع الزائفة، وستحد من شموخه كركيزة وركن أساسي في الجسم العربي والإسلامي أيضا، فالمثل يقول: «ربي اكفني شر أصدقائي.. أما أعدائي فأنا كفيل بهم».
فاحذروا هؤلاء الذين يطلقون التصريحات وكأنهم يكلفون من أعداء العراق قبل غيرهم، واحذروا إدخال المفاهيم التي ستكون انعكاساتها على هذا الجيل وجيل المستقبل جرما في حق الجميع، فدول أوروبا وشرق آسيا دخلت في حروب طاحنة وتجاوزوها وبدأوا بتنمية المصالح المشتركة فيما بينهم وهم لم تكن تربطهم علاقات كما تربط بين هذه الأمة وجيرانها، فهذا لا يعني عدم التذكير بما قام به بعض من الذين أجرموا بحق شعوبهم وجيرانهم حتى نحذر الأجيال القادمة من هذه النوعية، ولا تكرر على هذا الوطن العزيز، وهذه نصيحة من بلد لا يكن لكم إلا الاحترام فنرجو ان تكونوا على نفس المستوى وأهلا لذلك.