مطلق الوهيدة
«اسأل مجرب ولا تسأل طبيب»: ما أردت التنبيه عليه والتحذير منه في هذا المقال ستجدونه في آخره ولكن قبل هذا وذاك لابد لي ان أعرج على بعض من المراحل الفكرية التي مررت بها في حياتي التي الآن أوشكت بأن تدبر شمسها للغروب ففي عام 1956 كنت أعمل في مدينة الأحمدي التي كانت تعتبر قطعة من أوروبا في ذلك الوقت لأن الذين يعملون فيها من الانجليز والهنود من المستعمرات للدولة التي كانت لا تغيب عنها الشمس وهؤلاء كانوا على درجة عالية من الثقافة والجد والتنظيم لأنهم كانوا من الذين خدموا في الحربين العالميتين الأولى والثانية وكانت مدينة الأحمدي تخضع لنظام خاص كالنظام الأوروبي.
وذات يوم كنت واقفا على جانب الطريق المؤدي من مدينة الأحمدي إلى الفحيحيل ذاهبا لسكني بعد انتهاء الدوام فوقفت بجانبي سيارة همبر وكان فيها المحقق في الأمن العام لمدينة الأحمدي هشام أبوشقرة رحمه الله فعندما ركبت بجانبه كان معه راديو مشغل على أغان حماسية ويتخللها بعض التعليقات من أحمد سعيد ومحمد عروق في الإذاعة المصرية وأنا في ذلك الوقت لا أفقه النواحي السياسية ولا الفكرية فبدأ هشام أبوشقرة يحثني على فهم ما هو حاصل في ذلك الوقت وهو الاعتداء الثلاثي على مصر العرب والعروبة ومن هنا انطلقت الخطوة الأولى نحو الفكر والتفكير كما تعلمون في ذلك الوقت كانت الأحزاب والتنظيمات والمد الثوري يملأ الساحة العربية وفي هذه التنظيمات كوادر ذات ثقافة عالية في التنظيم والنضال ولكن ما حدث لها فيما بعد شديد الأسف فقد بدأ التناحر فيما بينها وبدأت الانشقاقات تحدث هنا وهناك والسبب في ذلك بعض الاختراقات من مخابرات الدول الاستعمارية والصهيونية والدائرين في فلكهم في ذلك الوقت.
وهذه الكوادر التي أشرنا إليها بعض منهم تسلم الكثير من القيادات الحساسة والعالية في بلاده.
وما أردت التحذير منه والتنبيه إليه في هذه المقالة التي أشرت فيها الى جزء بسيط مما أعرفه هو ان تحذر التنظيمات والتكتلات السياسية والتنظيمية في عالمنا اليوم من الاختراقات مثل ما حدث في سالف الذكر مما يزج البلاد والعباد إلى هاوية الفتنة التي بدأت تطل برائحتها الكريهة هذه الأيام.
«اسأل مجرب ولا تسأل طبيب» فعندما ترى شخصا ما يطرح طروحات نتائجها تؤدي للأسوأ فعليك بفحصه جيدا وما يهدف إليه.
إننا في هذا الزمن اختلط عندنا الحابل بالنابل وهذا الشخص ستجده في بعض التنظيمات ومدفون بين القواعد الشعبية فيضرب عليه المثل القائل «أسمع كلامك يعجبني أشوف أعمالك أتعجب» فالحذر كل الحذر من المأجورين والمنافقين والمهجنين.
لاعاش الجبناء والمجبونون
يا كاتب التاريخ أحسن بصنعه
واحذر من الزمان سود الليالي
واحذر المشبوه لا تعجيك أفعاله
ترى الزمان اليوم مر وحالي