مطلق الوهيدة
لقد اشرنا لذلك منذ بداية العام وكذلك في شهر مايو الماضي وها نحن نقولها مرة اخرى منذ بدأت ثورة الامام الخميني والمؤامرات تحاك لها واحدة تلو الاخرى، وقبل ان يشرعوا في بناء المفاعلات المذكورة والتي يدعون انها تهدد السلم العالمي، والحقيقة هي أنهم لا يريدون اي نظام يسعى لتحرير بلده وتطويره وبناء الانسان فيه حتى يتسنى له العيش الكريم، وهم قد بدأوا هذه المقولة مع د.مصدق كما بدأوها مع الرئيس جمال عبدالناصر وسيبدأونها مع من كان على هذه المفهومية او تلك، والحقيقة نحن لا نلومهم في ذلك فهم يتحركون ضمن مصالحهم الخاصة والتي يعرفونها جيدا، ولكننا نقول كما قلنا سابقا لو استبدلوا هذه المصروفات المالية الهائلة والتآمر على مقدرات الشعوب والتي كشفتهم بوضوح امام شعوب العالم واحرجت اصدقاءهم في المنطقة، نقول لو استبدلوها لمساعدة الشعوب في المجالات الاقتصادية والعلمية والقضاء على الامراض والمجاعة لكسبوا الود والمودة من قبل شعوب المنطقة لهم ولاصدقائهم، ولكنهم استمروا في غيهم والذي سينقلب عليهم في النهاية فلا يجنون منه الا ان تثور المنطقة مستقبلا ضدهم وضد الدائرين في فلكهم، وهم الآن سيسعون لإحكام الحصار على الثورة الايرانية تجاريا ويطبقون عليها اعلاميا ويعبثون استخباريا من الداخل عن طريق الايدي الخبيثة التي استغلت الظروف الديموقراطية في ايران هذه الايام، والتي تخللتها المناظرات فيما بين المرشحين الذين هم اساسا من رحم الثورة، وسيستمرون في ذلك ما استطاعوا له سبيلا، ولكن الشعب الايراني وغيره من الشعوب الحرة عرفوا من الوهلة الاولى الهجوم الغربي الصهيوني على هذه الانتخابات قبل ان تعلن النتائج، لأنهم اذهلهم التوجه الذي لم يسبق له مثيل على الانتخابات والتي وصلت نسبة لم تسبقها نسبة اخرى، وهم يحاولون من الآن فصاعدا زعزعة الامور والعبث الداخلي حتى يهيئوا لنفوسهم نواياهم السيئة التي يجب الانتباه لها والاستعداد لنواياها المخزية، فوجود ايران متماسكة وقوية سيوفر توازنا في المنطقة ويحد من التوسع الصهيوني والنوايا التي ينوونها للمنطقة من تقسيمها الى كيانات صغيرة يسهل التعامل معها والسيطرة عليها من قبل الصهيونية، التي لم تخف ذلك في بروتوكولاتها التي الكل يعلمها وهي لم تخفها، اما نحن كعرب في هذه المنطقة يجب ان نعلم كل العلم ان من مصلحتنا ان تكون ايران قوية وتركيا ومصر ايضا، لان هذه المعادلات ستحفظ للمنطقة استقرارها واستتباب الأمن ولا نهمس في آذان الآخرين ما قال عنا توني بلير بأنه كلما زار منطقة عربية اول ما يتم طرحه عليه الخطر الايراني ولم يذكروا الخطر الصهيوني فهو فضحنا واحرجنا كما قلنا سابقا «رفيقهم ما يطول شاربه».
وعلى فكرة ترى هؤلاء لو وقفنا معهم ينتقدوننا على هذه المواقف لانهم يعرفون أنها غلط في حق انفسنا ومستقبلنا، وعلى كل حال اسرائيل اول ما تخشاه هو الـ 16 ألف صاروخ التي يمتلكها حزب الله وهو قريب منها جدا وتعتبره الخطر الذي يجب التخلص منه ومن ثم يسهل التعامل مع القضايا الاخرى لانها تبعد عنها شيئا فشيئا.
وانا اريد ان اروي لكم قصة حدثت منذ نصف قرن، كنت اعمل في شركة نفط الكويت في الخمسينيات وفي منطقة الاحمدي كما تعلمون كان العاملون في ذلك الوقت من انجليز واميركان وهنود كانوا على درجة عالية من الثقافة والعلم، وكانوا انضباطيين وجادين في العمل والانتاجية بشكل لا استطيع وصفه، لانهم كان اغلبهم من المشاركين في الحربين العالميتين الاولى والثانية، وشخصياتهم كانت نادرة، وحتى الهنود كانوا من دول الكومنولث والمشاركين في الجيش البريطاني في تلك الحروب، وكان يعمل معنا قطاع كبير من الفلسطينيين، والفلسطينيون كما تعلمون، من كثرة ما مر عليهم من المآسي والاحداث، على درجة كبيرة من الوعي والثقافة ايضا، كما تعلمون في ذلك الوقت بدأ التيار القومي عارما وشديد الاندفاع خصوصا بعد حرب 1956 فوجودنا نحن ككويتيين بين اوساط هذه المجاميع آنفة الذكر صقلنا ودفعنا قوميا خصوصا ونحن نحتك يوميا بالانجليز وهم خصم لنا في ذلك الوقت، فأصبحنا نتنظم وننظم حالنا مع الجانب الفلسطيني وكان الانجليز في ذلك الوقت يراقبون تحركنا وخصوصا نحن الكويتيين، فهم يشمون رائحة القومية العربية فينا ولكنهم لا يعلمون كم نسبتها، فدائما يضعوننا تحت المراقبة ويتصيدون لنا الاخطاء ولكن نحن لم ندع لهم مجالا فيما ارادوا، وفي ذات يوم كنا مجتمعين في فرصة الشاي وكان هناك زميل لنا كان اندفاعه نحو الخط الوطني غير طبيعي، وهناك انجليزي من الاستخبارات الانجليزية شرق قناة السويس ويعمل في نفس الشركة حتى يغطي على عمله الاصلي وكان يراقبنا ويتحرش بنا لعل وعسى ان يتبين له من خلال الفاظنا او تصرفاتنا نسبة الوعي واندفاعنا نحو هذا التيار فقال الاخ شديد الاندفاع: انا سأخرب هذه العلاقة بيني وبين هذا المسؤول الانجليزي آنف الذكر، فأشرنا عليه ان يتريث ويترك الامر لحركة التاريخ التي ستكفيه ذلك ولكنه اصر فقلنا له: «go ahead» فنادى على الانجليزي فجاء الانجليزي مسرعا وفرحا بذلك فجلس وصببنا له الشاي فقام ينظر الينا وننظر اليه نظرات توحي بأن هناك امرا سيحدث فقال له صاحبنا: اتعرف لماذا دعوناك؟ قال: كلا قولوا ما تريدون قوله، فقال له: هل تحب الرئيس جمال عبدالناصر؟ قال: طبعا لا، بل اكرهه، فلزمنا الصمت فقال لنا: لماذا لا تكملون حديثكم؟ قلنا له: ما دامك بهذا الشعور وبهذه الصورة لا نستطيع ان نكمل الحديث معك لأنك أصبحت عدوا للأمة، فقال: انا لا تلوموني لان الرئيس جمال عبدالناصر يسعى لقطع رزقي وطردي من هذه المصالح التي ترونها، ساد السكوت برهة، ثم قال لنا: ولكن هناك شخصا اكرهه اكثر من جمال عبدالناصر، هنا تنفسنا الصعداء لاننا نحب ان نعرف هذا الشخص الذي يكرهه اكثر من الرئيس، فقلنا له: اخبرنا بهذا الشخص المختبئ عن انظارنا، فقال لنا: اكره الشخص العربي الذي يكره جمال عبدالناصر وهو يسعى لتحقيق آماله ومصالحه القومية، فاصابتنا الدهشة والعجب والتعجب من هذه الصراحة التي لم نكن نتوقعها منه وكدنا نقوم ونقبل رأسه وبعد ذلك اصبح صديقا في ثوب عدو.
والحكمة من هذه القصة عندما اردت ان أوردها ان يعلم كل شخص في اي موقع من مواقع الحياة الا يتحرك ضد مصالح بلده وأمته حتى لا يكون في موقع الازدراء والنقد من جانب الآخرين، اما ما يتعلق بالقضية الفلسطينية وما يطرح من حلول فهي وهم ووهن وتسويف وضحك على الاذقان.
الحر حـر وآخــر البوم بومـه
واصبحت يا ميرزا مثل طير خفاش
والحر في جوف السماء صك حومه
والا الرديء دوم مع القوم ما هآش