لا يزال شعب الكويت يظن أن الديموقراطية هي فقط ما تحقق له التنمية البشرية والاقتصادية وأنه لا رفاهية دونها، لكننا نتساءل عن أي ديموقراطية نتحدث هل هي ديموقراطية التمايز الفئوي أو القبلي أو الديني أم عن ديموقراطية البعض الذي يرفض القانون إذا خالف توجهاته أم ديموقراطية تلك الأغلبية التي اغتصبت حقوق الأقلية أم عن ديموقراطية إقصاء الشركاء في الوطن عند الاختلاف بالآراء والأفكار هل هذه هي الديموقراطية التي نريدها والتي نعيشها منذ خمسين عاما؟!
العديد من الدول التي حققت الرفاهية لشعوبها دون ديموقراطية أو مشاركة في القرار السياسي أو حتى الاقتصادي خصوصا ما تتشابه معنا في النسيج الاجتماعي والفكري ومنها دول الخليج العربي التي تعيش تجارب ناجحة في تحقيق ما عجزنا عنه رغم امتلاكنا حق المشاركة في قرار التخطيط والتنفيذ والمراقبة.
دولة قطر من الدول الأعلى دخلا على مستوى الفرد عالميا وأكثر دولة صغيرة نامية إقليميا في العديد من المجالات واهمها مشاريع البنيه التحتية والتنمية الوطنية للمواطن القطري اجتماعيا وتعليميا وصحيا رغم أنها لا تملك دستورا أو مجلس نواب يشترك في التنفيذ والرقابة، كما تعتبر دولة قطر من أهم الأسواق الناشئة ماليا في استقطاب الاستثمار الأجنبي ولم تغفل قطر إنشاء الصناديق السيادية والاستثمار في عدة دول اما بالمشاركة أو بالاستحواذ المباشر لمنشآت أو مشاريع صناعية وتجارية وعقارية وحتى رياضية.
دولة الإمارات عبر (أبوظبي ودبي) التي قدمتا للعالم تجارب رائدة أذهلت جميع المهتمين برصد تنمية الدول فهذه الدولة تفوقت في جميع المجالات تلك الدولة الصحراوية التي صنعت المستحيل هي اليوم تصنف من الأربعة الكبار عالميا في مجال السياحة، كما تعتبر من البلدان الأولى في ميزان التبادل التجاري العالمي واحدى الدول المؤثرة في سوق النفط ولم يتوقف الطموح الإماراتي عند ذلك الحد، بل سعت لجذب الاستثمار العالمي ففتحت أسواقها واقتصادها وقدمت التسهيلات الضريبية والمالية وحفزت أكبر وأضخم الشركات العالمية للدخول بأموالها ومشاريعها دون أي خوف سياسي أو قلق أمني أو قانوني الأمر الذي ساهم في زيادة ثقة العالم بها والذي انعكس على تطور ونمو سوق العقارات والصناعة وإعادة التصدير والاستثمار المباشر في الإمارات كل ذلك دون أي ديموقراطية.
المملكة العربية السعودية الأكبر مساحة والأهم استثماريا في الخليج وإقليميا هي السوق الأكبر عدديا والواعد الذي يسيل له لعاب المستثمر الأجنبي الناجح الذي يسعى للمكاسب فهي تمتلك سوقا واقتصادا متطورا ناميا تحميه قيادة تنفيذية شابة وضعت رؤية اقتصادية مستقبلية قابلة للتطبيق من اجل دعم اقتصادها وحتى لا تستمر الفرص في الضياع وتبتعد المكاسب الكبيرة المتوقعة اذا لم يتحول اقتصادها للسوق الحر التنافسي ودون قيود بيروقراطية لتطوير أسواقها واقتصادها بالمشاريع والأفكار الجديدة الواعدة عبر المشاركة مع مستثمرين أجانب أو محليين وهو ما تم بعد إعلان انطلاق رؤية السعودية 2030 تهافتت رغبات المستثمرين الأجانب والمحليين في الاستثمار المباشر في المجالات الصناعية والعقارية والنفطية فكانت الباكورة هي التملك في شركات (سابك، ارامكوا، الاتصالات، المدن الصناعية الأربع).
ولم تتوقف الرغبة السعودية عند هذا الحد بل سعت لتنويع منابع الاستثمار لأجل الحد من الاعتماد على النفط كمصدر وحيد لتمويل ميزانية الدولة فانطلقت برغبة حكومية حقيقية لاستقطاب التكنولوجيا العالمية وهو ما حدث عندما انتهت السعودية من الاتفاق مع شركة LIG Nex1 الكورية لإنتاج الأنظمة الصاروخية لافتتاح أول مصانعها في السعودية، وأيضا إنشاء أول مصنع لتصنيع هياكل الطائرات المدنية والعسكرية والمتوقع افتتاحه منتصف 2017 ولم يتوقف الطموح السعودي عند هذا الحد، بل استمر وأعلنت السعودية عن تأسيس 5 شركات سعودية بمشاركة عالمية متخصصة لتوطين التقنيات العسكرية والأقمار الصناعية والحروب الإلكترونية كل ذلك واكثر دعا مجلة بزنس أمريكان لوضع المملكة العربية السعودية في المرتبة السابعة للدول التي تستطيع هز العالم.
بعد تلك التجارب الناجحة خليجيا، هل فعلا التنمية والرفاهية تستلزم ديموقراطية أم ان ديموقراطيتنا هي الخلل بعد أن أصبحت تبحث عن السقطات والتناقضات ولا تهتم للإنجاز؟
الزبدة: إن عورك ضرس الأضراس.. فدواه شلع الحديدة.