«كلمة» كبيرة لو عرفنا معناها، ولكي يحظى الإنسان بلقب تاجر يجب أن يتحلى بالصفات التي تفرضها عليه حروف كلمة تاجر، فحرف التاء يدل على التقوى، أن يتقي التاجر ربه في معاملاته مع الناس، لا يغش ولا يظلم. وحرف الألف يدل على الأمانة.
وحرف الجيم يدل على الجرأة، فلا بد للتاجر أن يكن جريئا. وحرف الراء يدل على الرأفة. هكذا يستحق الإنسان أن يطلق عليه لقب التاجر.
أما معنى كلمة حرامي فهي مشتقة من الفعل الحرام أو المحرم، أو الشيء الممنوع فعله وهي عكس كلمة حلال.
لذلك لو نظرنا للواقع الحالي بكل حيادية وإنصاف لوجدنا كل من يعمل ببيع الإقامات والاتجار برزق وعرق الناس الضعفاء، وكل من يأخذ المناقصات أو الصفقات دون وجه حق، وكل من يأخذ عمولة من المناقصات أو الصفقات الضخمة، وكل من ينفذ عملا بالغش والتدليس، وكل ومن يأخذ رشوة، وكل من يرفع أسعار السلع دون وجه حق، وكل من يأكل أموال الناس بالباطل، وكل من يقوم بتعيين معارفه أو أصدقائه دون وجه حق ومن أجل مصالحه، وكل من يأخذ راتبا أو مكافآت أو مهمات أو أموالا من اللجان أو هدايا وهو في منصب دون وجه حق من أجل التنفيع المادي، وكل من يأخذ أراضي أو مزارع أو مصانع من الدولة بأسعار زهيدة ويخالف عقد الانتفاع ويؤجرها للغير بمبالغ كبيرة، وكل من يسرق الماء والكهرباء والديزل دون وجه حق، وكل من يأخذ مالا من أجل موقف سياسي أو تجاري، وكل من يجبر الناس على دفع أموال ويأخذها دون وجه حق وإلا ستقف جميع أعماله، وكل من يتهرب من التعرفة الجمركية، أو يقوم برفع قيمة تقييم البضائع ظلما وزورا، وكل من يتلاعب بأموال المساهمين بالبورصة أو بالجمعيات التعاونية ويبتلع أموال الناس ظلما، جميع هؤلاء ولكي نسمي الأمور بمسمياتها الحقيقية هم حرامية بمعنى الكلمة مهما بلغت مراكزهم ومناصبهم وأرصدتهم وأسماؤهم، فمعنى كلمة حرامي كما تم سرد معناها الحقيقي لا تقبل التجزئة أو المجاملة، وسيصبح هذا اللقب لصيقا لأولادهم وأحفادهم مهما حاولوا إخفاءه بالبهرجة والبذخ والكرم الزائف، وسيطلق عليهم حرامية أبناء حرامية أبناء حرامية.
لهذا شتان بين لقب تاجر ولقب حرامي، فالتاجر له صفات حميدة وأخلاق رفيعة ونفس أبية، والتاريخ يشهد من هم التجار أهل النزاهة والورع والقيم، فهم أصحاب مبادئ وكرامة وشجاعة ويترفعون عن صغائر الأمور، وتجار الكويت الحقيقيون في السابق كانت لا تعلم شمالهم ما تقدمه يمينهم من فعل الخيرات دون رياء أو سمعة.
أما الحرامية فنجدهم جبناء لا يواجهون، ويلهثون وراء صغائر الأمور وأعينهم تراقب ما في أيدي الناس البسطاء، وشديدي البخل وأنفسهم فقيرة مهما بلغت ثرواتهم ويعشقون الظهور والرياء والسمعة والبهرجة لأعمالهم الخيرية ليخفوا لصوصيتهم وسرقاتهم، نسأل الله العفو والسلامة.
ولا أعني أو أقصد الأشخاص الذين يقدمون الخير لكي يتعظ به غيرهم فهم معروفون، جزاهم الله خيرا.
ولكن المقصود هؤلاء الذين يحاولون أن يوهموا الناس وهم مكشوفون ويعلم عنهم الجميع.
ولا يسعني إلا أن أذكرهم بهذا الحديث:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يقول ابن آدم مالي، وما له من ماله إلا ما أكل فأفنى، أو لبس فأبلى، أو تصدق فأمضى».
بمعنى لن يستفيد الإنسان من ماله كله مهما بلغت ثروته إلا ما يأكله ويفنيه، وما يلبسه ويبليه، وما يتصدق به، ويكون له عند الله أجر عظيم في قبره ويوم القيامة والله سبحانه وتعالى طيب لا يقبل إلا المال الطيب الحلال.
«من كانت الآخرة همه، جعل الله غناه في قلبه، وجمع عليه شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة، ومن كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه، وفرق عليه شمله، ولن يأته من الدنيا إلا ما قدر له».
اتعظوا فلن تبلغوا بثرواتكم ما بلغ قارون من ثروة.
[email protected]
nasser_p7@