ناصر الخالدي
كنا قديما نشعر بالتربية وبالعلم والحزم والجد والمثابرة وكذلك بقيمة المدرسة والمدرس والفصول المكتظة بأهل الفكر والأدب، لكن ما أبعد الأمس عن اليوم، ولا تعليق على ما يحدث اليوم في مدارسنا وان كنا نأمل أن نعود كما كنا وتكفينا العودة ولا بأس أن نتطور بشرط ألا يكون التطور على حساب العادات والتقاليد وعلى حساب الدين لأن هذا التطور هو بالواقع قمة التخلف وقمة الرجعية ولا أريد التوضيح أكثر.
بعد ايام قلائل ستفتح المدارس أبوابها وتستقبل الطلاب والطالبات بمختلف المراحل، وسيكون - كالعادة - اليوم الدراسي الأول يوما خفيفا يتعرف الطلاب على بعضهم البعض، وستكون الملابس ناصعة البياض وسيستمع الطلبة إلى سلسلة من النصائح والتوجيهات يتعرفون من خلالها على أسلوب كل مدرس، وسيحاول كل مدرس أن يكتشف من بين طلابه من هو صافي الذهن فائق الذكاء يقظ الفؤاد، ومن هو غير ذلك، ومطلوب من المدرس والمدرسة معاملة الطلاب معاملة الأب لأبنائه لأنهم جيل المستقبل وعليهم تعقد الآمال وعلى كل مدرس ألا يهمل احدا من الطلبة الدارسين وألا يعتقد أنه لا فائدة من توجيه النصائح أوإعطاء المعلومة وتكرارها لأن كل انسان توجد بداخله بذرة خير، وربّ كلمة صغيرة تغير مجرى حياة الإنسان وتعيده للصواب ولا شك في أن هناك مجموعة من الطلاب يعيشون في بيئة اسرية مضطربة وبذلك هم أحوج ما يكون إلى الرعاية الاجتماعية، وهذا دور مكاتب الخدمة الاجتماعية التي وللأسف الشديد يكون دورها في كثير من المدارس غير مفعل، والمسؤولية مشتركة بين التربويين جميعـا فنحن نأمل وجود جيل يستطيع تحمل المسؤولية وتكون لديه ثقافة وفكر، نريد جيلا مهذبا واعيا لما يحيط به من أمور كثيرة.
وبما أن العام الدراسي الجديد أوشك على البدء فإننا وللأسف الشديد في كل عام نشهد ظواهر سيئة دخيلة على مجتمعنا وهذه الظواهر ليست سرية بل يعلمها الجميع ومن بينها: ظاهرة المعاكسات التي تشهدها مدارس الفتيات حيث يقف في نهاية الدوام المدرسي جموع من الشبان أمام ابواب المدرسة وبعضهم يأتي بلباس غير محتشم ويركب سيارة لها اصوات مزعجة وتجده في حالة من الصخب وتجد الأغاني والموسيقى والغمز واللمز والمراسلة واحيـانـا تتطور العملية وتنتقل إلى المطاردة وفي كل عام تشكو مجموعة من الطالبات اللواتي يتنقلن عن طريق الباص المدرسي من وجود مضايقات من قبل الشباب فنرجو المحافظة على أعراض الناس وصيانتها وإلا فما الفائدة من تغذية العقل وضياع الأخلاق؟ نأمل التنسيق مع وزارة الداخلية لاختيار نخبة من الرجال المحترمين المخلصين لوقف هذه التصرفات وعدم التهاون مع هؤلاء المتهورين.
كما أن ضرب وإهانة المدرسين ظاهرة متكررة بل أصبحت شيئا عاديا وأقل من عادي لدى البعض وهذه مصيبة كبرى لأن للمعلم قيمة كبرى، واحترامه واجب «كاد المعلم أن يكون رسولا» وهذه ظاهرة تحتاج إلى حزم وشدة مع كل من يسيء الأدب.
أما ظاهرة الهروب من المدرسة فتعتبر بداية الانحراف وبداية ضياع في حياة الطالب، لأنه يخرج من المدرسة ويترك العلم ويذهب إما إلى المقاهي أو الى الأسواق او يتجول في الشوارع دون هدف أو غاية ويفاجأ الأب بهذا الولد الذي عقد عليه الآمال فلا يجد من ورائه إلا التعب.
وظاهرة التدخين في دورات المياه تمثل - ومع احترامي - قمة القذارة وهي تدل على سوء الخلق وقلة الوعي ونطالب الإخوة المدرسين بضرورة معاقبة مثل هؤلاء المنحرفين وقد سمعنا أن هذه الظاهرة انتشرت والعياذ بالله في بعض مدارس البنات فنرجو مكافحتها لتعود مدارسنا كما عهدناها قديما.