تقرير «الاستثمار العالمي لعام 2010»، الذي أعلنته منظمة الأسكوا في مركز الأمم المتحدة للإعلام في بيروت يوم الجمعة الفائت يدعو للتفاؤل، ويغسل عن قلوبنا النكد والصراخ والتشاؤم التي خلفها بعض نواب مجلس الأمة خلال دورة الانعقاد السابق، وهو أيضا يفتح نافذة مضيئة في قتامة جدران المتشائمين الذي يبثون الإحباط في نفوس الناس.
التقرير يقول ان «الكويت احتلت المرتبة الأولى كأكبر مستثمر في الخارج من منظمة الأسكوا، التي تضم 14 دولة عربية في منطقة غرب آسيا، حيث بلغت قيمة استثماراتها 9 مليارات دولار لعام 2009.
هذا التقرير جاء متزامنا مع جولة سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد، وقد لا يكون ثمة رابط موضوعي بين توقيت صدور التقرير، وهذه الجولة إلا ان هناك رابطا على صعيد النتائج التي بدأت تثمر من خلال سياسة الجولات التي تعتمدها الكويت، على ارفع المستويات، ابتداء من هرم السلطة ووصولا الى قاعدتها.
والمتتبع للمسار التاريخي للذهنية التجارية الكويتية يجد أن الكويتيين يعتمدون منذ القدم على التجارة الخارجية، بدليل أن سفنهم كانت تجوب المحيطات كنوع من الانفتاح التجاري على العالم.
وسياسة الجولات التي تقوم بها الكويت، تكون غالبا ناجحة، لأنها تتم عن دراسة وتخطيط، فهذه الجولات تركز ـ كما يبدو ـ على منظومات معينة لها نسق مشترك، حتى جغرافيا، فلو نظرنا الى جولتين مهمتين في هذا العام، الأولى أوروبية قام بها صاحب السمو الأمير في ابريل الماضي الى كل من جمهورية ألمانيا الاتحادية وجمهورية ايطاليا ودولة الفاتيكان، والجولة الثانية التي قام بها سمو رئيس الوزراء الى دول أميركا اللاتينية، فنجد أنها مدروسة جغرافيا، لتغطي أجزاء متناظرة من العالم.
وتكمن أهمية الجولة التي قام بها سمو رئيس الوزراء الى دول أميركا اللاتينية في أن هذه الدول على الرغم من عراقتها التاريخية، الا انها لاتزال بكرا على أصعدة كثيرة، ويتضح ذلك من خلال أهداف الجولة ذات الأبعاد التعليمية والاقتصادية والطبية والاستثمارية والصناعية والثقافية.
وعادة فإن الجولات التي تقوم بها الحكومات، لا تكون مقتصرة على منفعة القطاع العام، بل ان للقطاع الخاص نصيب كبير من هذه المنفعة، وهذا من شأنه أن ينشط القطاع الخاص الذي قالت عنه التقارير الاقتصادية مؤخرا انه يتعافى ببطء بعد الأزمة الاقتصادية العالمية.
المهم في الأمر الآن، ان تجيد مؤسساتنا المدنية استثمار هذه الجولات وتنميتها وتنشيط الحياة بكل جوانبها، وعلى الجهات التشريعية والتنفيذية إزالة العقبات أمام حركة الاستثمار.. ونفخ ريح التفاؤل في أشرعة سفن الكويت التجارية كي تظل سائرة من الأجداد الى الاحفاد.
[email protected]