يبدو المشهد البحريني اليوم غائما، وأكثر غموضا من أي حراك سياسي آخر تشهده المنطقة العربية، وذلك لعدة أسباب منها أن البحرين هي الدولة الخليجية الوحيدة التي يحدث فيها هذا الكم من الأحداث على صغر مساحتها، فقد شهدت بعض دول مجلس التعاون الأخرى أحداثا مماثلة، ولكن بوتيرة أقل ولم يقع فيها ضحايا.
الأمر الآخر، ان المطالبات الشعبية في البحرين، تأتي مختلطة بين عمق عقائدي وسياسي وبعد اجتماعي، وهذا يجعل المسألة أكثر تعقيدا، وأشد وطأة مما لو كانت في اتجاه واحد، على الرغم من ان التركيبة السكانية في البحرين ليست هي الأكثر تعقيدا في دول المنطقة التي تتعدد فيها شرائح أكثر اختلافا.
أمر ثالث، وهو أن البحرين، هي الوحيدة (تقريبا) من كل الدول العربية التي جرت فيها أحداث هذا العام، تكون عرضة للتدخلات من شتى الأطراف المحيطة بها وبهذا فالقضية تأخذ اتجاها إقليميا أوسع، وهو ما يجعلها في خضم زوبعة كبيرة نأمل انتهاءها على خير، لأنها ان لم تتوقف عند هذا الحد، فستكون بمثابة عود الثقاب اذا ما ألقي فوق برميل نفط.
وهنا تبرز التحديات الحقيقية التي تواجه مجلس التعاون الخليجي، ويتمثل هذا التحدي في عدة جوانب أولها أن يتمكن هذا المجلس من تطبيق القرارات التي كانت تصدر سنويا ولم يأت مجال لتطبيقها حتى الآن، وخصوصا الذي يتعلق بالتعاون المشترك لمواجهة الأزمات. ولا يكفي هنا الدعم المالي، بقدر ما يحتاج الأمر الى إبراز حكمة سياسية من شأنها تحييد التدخل الخارجي وحصر القضية في نطاقها المحلي.
أضف إلى ذلك أن يتمكن هذا المجلس من تحضير موائد للحوار بين حكومة البحرين والمحتجين على أساس عادل، يحصل فيه أصحاب الحق على حقوقهم، وفي الوقت نفسه يعرفون واجبات المواطنة المفروضة عليهم. وبذلك تتمكن البحرين من الخروج من عنق الزجاجة دون ان تختنق او تنكسر الزجاجة.
[email protected]