هناك لوحة كاريكاتير قديمة لفنان الكاريكاتير عبدالوهاب العوضي، يرسم فيها الكرة الأرضية كلها وفوقها كاميرا مراقبة، ثم بعد ذلك رسم الفنان العوضي نفسه لوحة يصور فيها العالم على شكل جسد عار، ومكتوب عليه «ويكيليكس»..وهاتان اللوحتان تختصران واقعا ساخرا للعالم الذي أصبح مفتوحا على بعضه.
لذلك لم يعد من المجدي ان تستخدم بعض البلاد العربية التي يحدث فيها اليوم حراك سياسي، سياسة التعتيم، أو حجب التغطيات التلفزيونية، لأن ادوات او وسائل التكنولوجيا اليوم لا تعد ولا تحصى، وهو ما يفسر حرب كاميرات الموبايلات التي نشاهدها اليوم على شاشات الفضائيات، والتي تنقل لنا صور المظاهرات في بعض البلاد العربية، رغم منع التغطيات التلفزيونية، مما يعني اننا أمام تكنولوجيا شفافة لا يجدي معها اي حجب. وهذا ليس من مصلحة البلد نفسه، لأن الامر يصبح عرضة للتأويل والتهويل، ومن الافضل لأي بلد ينتهج هذا الخط، ان يفتح الفضاء ليرى العالم الحقيقي على أرض الواقع بكل مصداقية.وان يترك للمشاهد فرصة تقييم الحقيقة.
في بعض الدول مثل بريطانيا، يتم بعد فترة زمنية معينة الافراج عن وثائق كانت تعتبر سرية،، ويسمح بنشرها.ولكن وسائل الاتصالات الحديثة، والتكنولوجيا المتطورة، لم تعد تنتظر موافقة من احد. وتخطئ بعض البلاد العربية حين تتعامل مع التكنولوجيا بعقلية العقود السابقة، اي يفترض بها أن تجري عملية تحديث على الاشخاص انفسهم، فعملية التواصل اليوم بين السلطات وشعوبها، قد تكون احيانا مثل علاقة الأب الذي يجهل التكنولوجيا ويستنكرها على ابنه، دون ان يعرف حساسيتها او فائدتها وحتى خطورتها.
وفي كل الاحوال، فقد أصبح على العالم ان يتعامل اليوم وفق حقيقة الاقمار الصناعية وانهيار الحواجز، لأن العالم أصبح اليوم عبارة عن غرفة واحدة كبيرة ولكن بلا نوافذ.. وربما بلا جدران.
[email protected]