نرمين الحوطي
المسرح هو المرآة العاكسة لاي شعب من الشعوب الحضارية، والمسرح دوما يلعب دورا من اخطر الادوار وسط التحديات والازدهارات والثورات والتغيير الشامل لشعوب متعددة منها على سبيل المثال فرنسا ابان الثورة الفرنسية وقد كان المسرح احد الدعائم التي ادت الى قيام تلك الثورة ونجاحها، فلا نقدر، نحن اهل الثقافة، ان نتناسى دور الكتاب إمثال كل من لوساج وماديڤو وبومارشيه، وهم من كتّاب القرن الثامن عشر والذين كان لهم دور فعال في الثورة الفرنسية، كذلك ابان الحرب العالمية الثانية حينما كتب جان بول سارتر مسرحية «الذباب» التي جعلت الشعب الفرنسي يهب من غفوته لاستعادة ما سُلب منه، والآن ونحن في مرحلة التغيير، مرحلة البناء، فاننا في امسّ الحاجة لاهل المسرح لبداية جديدة تكسر كل القيود في عصر الحريات بل تقف بجانب الدولة وحكومتها لتوضح السياسة الجديدة وتعرض لها اهم مشاكل الشعب كما كان في السابق. ان المسرح ما هو الا منبر حي للكلمة والفن الرفيع فما احوجنا لكلمة اعلامية شاملة تعيد النصاب الى مكانه وتعرض كل السلبيات التي نعيشها في وقتنا الحاضر.
ان الكويت الآن تعاني من تداعيات وافرازات الازمة والعدوان وهذا ليس بغريب ولكنه نتيجة منتظرة يمكن ان تحدث لاي شعب في العالم وقد حدثت لبلاد كثيرة بالفعل من نتائج قيام ثورات داخلية او حروب اهلية او عالمية.
ان ما يجب عمله هو اختيار نقطة البداية السليمة التي اتبعتها بعض البلدان ولاقت نجاحا باهرا سواء في انجلترا، ألمانيا او اليابان.. الخ، ان الكويت والحمدلله اجتازت محنتها بوقت سريع جدا افضل من دول اخرى ولكن القضية هنا هي قضية البداية على كافة المستويات، والمسرح وسط ذلك كله يحمل على عاتقه عبئا لابد ان يتحمله وان يقوم بتنفيذه، فلابد من احياء المسرح كما كان في السابق ناقوسا يدق لكلمة الحق وجرس الخطر اذا وجد فمن منا يستطيع ان ينسى مسرحية «حامي الديار» و«سوق المناخ» و«كويت سنة 2000».. الخ، كانت هناك رسالة اعلامية مباشرة للجمهور، كان المسرح يتناول قضايا كثيرة خلال اربعين عاما او اكثر للمصلحة العامة بل للمصلحة الحكومية، نريد ذلك مرة اخرى على خشبة المسرح، لماذا لا تكتب مسرحية واحدة تشمل شتات الازمة التي نحن في معايشتها الآن واقصد ما يدور من ازمات حكومية داخل مجلس الامة ومجلس الوزراء، مسرحية واحدة تجمع شتات الازمة في قالب مناسب ويتناولها الكتاب من كافة الزوايا تناولا يبرز الابعاد المختلفة، وفي نفس الوقت تحمل مضمونا لما يجب عمله بالفعل خلال الفترة الحالية او المستقبلية كما وجدناه في مسرحية «كويت سنة 2000» على سبيل المثال.
ان الجهود المبذولة لاعادة التعمير، تتم بمعزل عن بعضها البعض، بمعنى ان كل فئة تبذل طاقتها في تخصصها المحدود، منعزلة عن الفئات الاخرى، ورغم ان ذلك يتم من خلال تخطيط من قبل السلطات المسؤولة، الا اننا نريد ان نجمع كل تلك الجهود في عمل فني يراه ويسمعه اهل الكويت، وهذا العمل لن يكون الا من خلال المسرح، اننا في انتظار تفجير ثورة ثقافية يكون المسرح هو القائد والرائد فيها، فان المسرح هو ابو الفنون، فلابد من وقفة طويلة لتاريخه وانقاذه وهو دعوة لاهل المسرح والفن للنهوض به مرة اخرى كما كان في السابق ولتكن هذه الدعوة مستجابة من قبل اهل المسرح والفن للقيام بالتنفيذ.