كانت تلك الجملة هي بداية قضيتنا، ففي مساء يوم الأحد كنت أحاور «أستاذي» وكان حوارنا قائما على شخصه وكيف أنه يمتلك الكثير من المواهب التي تجعل مهارته تفوق الكثير من مجتمعنا، وأثناء تعددي له بما يمتلكه مع التدليل له قمت بذكر عبارة «إيدك تتلف بحرير» وإذا به يقاطعني ويسألني: هل تعرفين ماذا تعني تلك الجملة؟ ومع التذمر مني دون ان أشعره بهذا احتراما لقدره ومركزه أجبت: لا طبعا ولكن أعتقد أنها كناية على قدرة وتميز الإنسان بأداء عمل يميزه عن الآخرين. وإذا به يقول لي: إذن كفى مجاملاتك واذهبي وابحثي عن أصول تلك الجملة، وللحديث بقية عندما تعلمين قصة العبارة.
انتهى حوارنا، وكعادتي في كل مرة أقابل أستاذي يجعلنا كالتلميذة أرجع إلى مكتبتي شغوفة لمعرفة أصول المعلومة، وبالفعل قمت بالبحث في نفس الأمسية من خلال قواميس اللغة العربية وإذا بي أجد «كنايات العامية المصرية» لأشرف عزيز، وبدأت رحلة البحث في صفحات المرجع وبعد البحث والتدقيق وجدت العبارة مذكورة في سطور الكتاب فيقول كاتبنا: «انها كناية عن شدة المهارة وتشبيه بأن اليد كأنها جوهرة يصح لفها بالحرير للحفاظ عليها» ولكن ما استوقفني في الشرح ختامها حيث ينهي كاتبنا شرحه بجملة وهي: «انها كناية أيضا بأن إيده خفيفة».
وانتهى الشرح، ولكن لم ينته صدى الجملة الأخيرة في ذهني، فماذا يقصد بـ«إيده خفيفة؟»، وهنا زاد الشغف للوصول لأصل الحكاية لا بد أن تكون لها قصة قامت عليها تلك الجملة في الشرح، وإذا بي أكمل البحث عبر الكتب لأصل قصة تلك العبارة وإذا بي أجد كتاب «الأمثال العامية» لأحمد تيمور باشا وأقوم بالبحث عن ذلك المثل لأجد أن الكلمة أطلقت لأول مرة على «حرامي»، ومن مهارته الفائقة بالسرقة وخفة يده أطلقت تلك الجملة ومن بعدها أصبحت كناية لا للسرقة بل لمهارات مفيدة للمجتمع ولكن الأصل أطلقت على مهارة وخفة يد سارق.
مسك الختام: كثيرا ما نذكر عبارات وكلمات لا نعلم أصولها قد تكون بدايتها من أخطاء ولكن مع مرور الأيام والأزمنة تصبح نهايات لأشياء صحيحة مثل «إيدك تتلف بحرير».
[email protected]