كانت عبارة كتبها أحد أصدقائي على «الانستغرام» تعليقا على صورة لمنظر للطبيعية تجمع في لقطتها بين كل من الليل وفجره، وإذا به يضع تعليقا عليها ويكتب «حياتنا ليست ربيعا دائما.. ستمر علينا الفصول الأربعة»، ومنها انهالت الـ«لايكات» والعبارات، البعض كان إيجابيا، والآخرون مترددون في سطورهم، مما جعلني أقوم بقراءة جميع التعليقات، وبالأخص من كان منهم في سطوره وكلماته مترددا في وصف فصول عمره، من تلك الكلمات البسيطة والقليلة أخذت أبحر في مغزاها، مما جعلني أسأل: هل بالفعل حياتنا تمر بالفصول الأربعة بالتساوي؟ أم أن البعض تقتصر أيامه على فصل الخريف والغير يتمتع بالربيع؟ أم كيف تحسب السنوات بفصولها؟ وكيف تقسم أيامها ودقائقها؟
بالفعل إذا قام كل منا بعمل سجل يومي له يقوم وفق عمليات حسابية، كم من ساعات كان الشتاء دموعا له ودفئا يشتاق له ولا ينال منه؟ وكم من ساعات تحمل بها الصيف وحرارته المرتفعة على مواقف مهمة في حياته ولا يقدر على اتمامها؟ وكم من وحدة الخريف أخذت بنا لنمكث من الوقت الكثير به؟ وقليلا ما شعرنا بعبير الربيع في أيامنا.
عملية حسابية يصعب على الفرد أن يقوم بها، ولا يتحكم من خلال الفصول الأربعة في أن يجعلها متساوية، لأنه لا يمتلك القدرة، فعلى سبيل المثال لا للحصر نجد الإنسان منذ أن يخلق يبدأ بفصل الخريف من خلال صرخته عند ولادته، فنادرا من يولد وهو يضحك، ليحمل فصل الربيع منذ مولده، وهنا نجد أن القدر هو من يقوم بتحديد فصولنا، وهذا لا يعني أن نقف مكتوفي الأيدي لأقدارنا وتغيير مسارها إذا كانت تتجه للخريف على الدوام، فالإنسان بطاقته وقوته الإيجابية يقدر على أن يجعل من حياته ربيعا على الدوام، ولا يدخل بها أي من الفصول الأخرى في حياته، قد يسأل البعض: كيف؟ بالتفاؤل والتغيير المستمر، فالإنسان عندما يؤمن بالله، ويثق بأن الخير موجود في كل ما خلقه الله لنا يقدر على الدوام على التغيير من أجل ان يجعل حياته ربيعا في كل ساعاتها، ولا يحتاج الى أن يقسم ويضرب ويطرح سنواته على فصول قد يحتاجها الإنسان في لحظات، ولكنه يشتاق لربيع العمر على الدوام.
مسك الختام: لنكن كالأشجار، نغير من أوراقنا، وتبقى جذورنا ثابته وراسخة، بالتفاؤل وبحب الله لنجعل ثمارنا ربيعا دائما.
[email protected]