الجدل البيزنطي يقصد به النقاش والجدل العقيم الذي لا فائدة منه، مصدرها من (بيزنطة) Byzantium وهي مدينة إغريقية قديمة كانت تقع على مضيق البوسفور، وفي عام 335م جعلها الامبراطور قسطنطين عاصمة للإمبراطورية الرومانية البيزنطية، وأصبح يطلق عليها القسطنطينية، ثم تحولت بعد فتح العثمانيين لها إلى اسلامبول، ثم أخيرا وحاليا إلى اسطنبول (في تركيا)، وبينما كان السلطان العثماني محمد الفاتح على أسوار القسطنطينية (بيزنطة) يدكها مع جيشه بالقنابل ويحاولون تسلق أسوارها العالية من أجل الدخول إليها، كان الرهبان وعلماء بيزنطة في الكنيسة الكبيرة يتجادلون فيما بينهم عن مسألة ما إذا كانت الملائكة ذكورا أم إناثا وحول من وجد قبل الآخر الدجاجة أم البيضة! كان هذا الجدل العقيم أحد أسباب سقوط بيزنطة ! ومن هنا أصبح الكثير في حديثهم وحواراتهم يصفون جدلهم مع الآخر بأنه بيزنطي.
ذلك كان تعريف ما هو الجدل البيزنطي وما مصدره وتاريخه، وهذا ما أطلق علي عندما كنت أتحاور مع أحد الأصدقاء الإعلاميين «عبدالله» وأثناء حوارنا وجدته يقول لي: نرمين ترى حوارك بيزنطي!
بدأ الحوار عندما كنا نتحاور عن الوضع القائم بين دول الخليج مع بداية الشهر الكريم وعن الكم الهائل من الرسائل والتغريدات المتضاربة عبر الواتساب وتويتر، وقام بالسؤال لي عن رأيي وما هي نظرتي للمستقبل؟ فما كانت إجابتي إلا بأنني إنسانة في تلك المواقف والقضايا ابتعد كل البعد عن ما يقال وما قيل في وسائل التواصل الاجتماعي.
والأخت تسمع حق منو؟ فكانت إجابتي: علمني معلمي «بومبارك» في تلك المواقف والقضايا أنه لابد أن تكون مصداقيتي لمصدر رسمي ويصرح به من خلال قنوات إعلامية رسمية، فليس كل ما يقال يصدق يا عبدالله، ففي مثل تلك الأزمات لابد الابتعاد كليا عن الأقاويل التي ليس لها مصدر غير يقولون، فتلك الأبواق والأقلام ما هي إلا تأزيم للقضية ومن هذا المنطلق أصبحت أتفادى كل ما يكتب وما يقال عبر وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة، فهذا ما تعلمته من أستاذي «بومبارك» الابتعاد عن الأخبار غير الرسمية في قضايا الدولة والأمة وغيرها من قضايا مصيرية، وقبل انتهاء حديثي وجدته يقاطعني ويقول: عفوا نرمين أنت تفكيرك بيزنطي!
مسك الختام: ليس كل ما يقال يصدق.. وليس كل ما يسمع صحيحا... نصيحة لا نكن كالببغاوات نردد كل ما نسمعه ونقرأه دون تفكير والبحث عن مصدره.
[email protected]