بدأ بعض الخليجيين في الآونة الأخيرة بزيارة مدينة «القدس» المحتلة بغية الصلاة في المسجد الأقصى ومسجد قبة الصخرة المتجاورين في هذه المدينة المقدسة التي يحتلها الإسرائيليون بالكامل منذ عام 1967 وحتى الآن..
وهذا يثير حنقي وغضبي لأنني مع ضرورة استمرار عزوف العرب المسلمين عن زيارة هذه المدينة أو غيرها من المدن الفلسطينية طالما هي محتلة من قبل عدو العرب الرئيسي والأكبر ألا وهو «إسرائيل»، معتبرا قيام بعض الخليجيين بمن فيهم بعض الكويتيين بزيارة الضفة الغربية في فلسطين عموما والقدس خصوصا يمهد للتطبيع مع إسرائيل التي تصر على احتلالها والبطش بسكانها ورفض كل المبادرات الفلسطينية والعربية والدولية لحل النزاع الفلسطيني أو العربي ـ الإسرائيلي، لاسيما حلّ الدولتين أو إقامة دولة مسالمة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية..
انني أعتبر زيارة بعض العرب وأولهم أهل الخليج العربي بمثابة قبول بالأمر الواقع المزري في الضفة الغربية عموما وفي القدس خصوصا، وإدارة ظهورنا تماما لقضية العرب المركزية قضية فلسطين وتشريد شعبها وحرمانه من حقوقه الإنسانية والسياسية.. مبينا بما لا يدع مجالا للشك أن دخول اي عربي فلسطيني كان أو غير فلسطيني الى الضفة الغربية من أي بلد آخر لا يتم إلا بمعرفة السلطات الإسرائيلية وموافقتها، فالقوات الإسرائيلية العسكرية والمدنية سواء بسواء لا تتواجد على حدود اسرائيل او فلسطين المحتلة من قبيل تكملة العدد أو كمتفرج.. فهي ترصد بل وتتحكم تماما في الدخول والخروج من هذه الحدود، وإذا لم ير الخليجي هذه القوات وهو داخل او خارج من القدس فإن رجال هذه القوات المحتلة، يرونه ويعرفون عنه وعن توجهاته ومواقفه أكثر مما يظن هو نفسه وأكبر دليل انها رفضت وترفض العديد من الشخصيات العربية وغير العربية التي تتقدم سلطة محمود عباس (السلطة الفلسطينية) بطلباتها للسلطة الإسرائيلية التي تنسق معها لدخول بعض العرب الى الضفة الغربية، فما معنى ان توافق إسرائيل على بعض الأسماء العربية وترفض البعض الآخر؟! ولماذا إثارة الشبهات حول الشخصيات التي تزور القدس المحتلة؟ فمن يضمن ألا تلتقي هذه الشخصيات برجال أمن اسرائيليين ومن يضمن ألا يعرج بعض الزوار على زيارة مدن اسرائيلية مثل تل أبيب المجاورة للقدس فيتأثر بالحياة الصاخبة الماجنة فيها.. فيعود بكل مناسبة، مذكرا ان تدفق أهل الخليج الأثرياء سيصب خيرا لصالح الاقتصاد الإسرائيلي بطريقة غير مباشرة أولا ثم مباشرة آجلا أو عاجلا.. فهل يرضى أهل الخليج بتقوية شوكة إسرائيل الخنجر المسموم في الجسم العربي والمسؤولة عن معظم مشاكل العرب قديما وحديثا إن لم يكن كلها؟!
أنا أقدر بأن الظروف التي يمر بها العرب ظروف صعبة لكن هذه الظروف لا تبرر لنا فقدان طريقنا الصحيح في مساعدة اخواننا الفلسطينيين حتى قيام دولتهم المنشودة أو المأمولة على حدود 1967 وبرضاهم التام.. ودولة اسرائيل هي عدونا الأول والرئيسي حتى قيام دولة فلسطين وعودة حقوق شعبها.
وبالمناسبة فإني أدعو جامعة الدول العربية لاتخاذ كل ما يجب عليها اتخاذه من أجل فتح معبر رفح الحدودي دونما غلق.. أمام حركة مرور الفلسطينيين من وإلى قطاع غزة عبر مصر العربية والحفاظ على هوية أهل غزة كلاجئين فلسطينيين في البلاد العربية حتى تحررهم الكامل من براثن العدو الإسرائيلي وإعادة حقوقهم السليبة في مدنهم وقراهم الفلسطينية المحتلة منذ عام 1948 (عام النكبة)، إذ لا يجوز لشعب قوامه اكثر من مليون ونصف المليون عربي ان يبقوا محاصرين ومعذبين.. بعد ان أجبروا اسرائيل المحتلة بنضالهم وتضحياتهم على الانسحاب منها عام 1997، فهل هذا جزاؤهم يا عرب.. ولماذا يتحملون جريرة نزاع فتح وحماس؟ ونعود من حيث بدأنا لنقول وبملء فمنا لنكن نحن اهل الخليج بمنأى عن زيارة «القدس» طالما هي محتلة، كي لا يستغل محتلوها الصهاينة هذه الزيارات في تطبيع علاقاتهم مع الدول العربية، فنحن آخر من يطبع وليس أولهم، فبلادنا بلاد العرب كانت ومازالت وستبقى.. وعدونا «إسرائيل» المحتلة وليس غيرها وهي التي تشكل خطرا علينا وليس غيرها من دول المنطقة ومن يقول غير هذا فهو واهم ومجاف للحقيقة التاريخية!
ويا أيها العرب ويا أيها المسلمون ويا شرفاء العالم.. لا تنسوا قضية فلسطين وشعب فلسطين، واعملوا بصدق على حلها ومساعدة شعبها.. ولا تتركوهم وحدهم في مواجهة عدو لا يرحمهم ابدا..