كنت أحضر دورة تدريبية في ماليزيا لمدة أسبوعين، خلال تلك الفترة لم أستغرب ذلك التطور الذي وصلت إليه ماليزيا بعد أن رأيت دقة المواعيد ومدى الالتزام من قبل القائمين على تنظيم تلك الدورة، كان المشاركون من دول عدة، وكنت أول الواصلين لمقر تلك الدورة ولدى تسلمي للغرفة المخصصة لي تم إخباري بأن هناك عربيا آخر سيشارك في الدورة، بل ومن الخليج العربي تحديدا، حيث كان جميع المشاركين من غير العرب إلا أنا وزميلي المنتظر هذا، استبشرت خيرا بهذا الخبر وذهبت لأرتب حاجيات السكن وأعود إليهم بعد قرابة الساعة لأجد ذلك الخليجي قد وصل ومعه مشارك آخر من تايلند، وبعد أن أمعنت النظر فيه قليلا، تشتتت بشارتي وتلاشت فرحتي كوني التقيته هنا في الكويت في العام 2007 واعرف عنه ما يجعلني لا أفرح بقدومه، إلا أنني لم أقطع الأمل في أن يكون قد تغير أو نضج عقله بعض الشيء.
وفي حفل العشاء كان مطلوبا من كل مشارك أن يقوم بتعريف نفسه للآخرين، وحين وصل الدور إلى أخينا هذا بدأ بالتعريف عن اسمه وعمله ثم ذكر للحضور أنه باحث إسلامي وهنا تكمن الكارثة، وعلمت وقتها أن مدة الدورة لن تنقضي بهدوء لسببين، أولهما لأني أعرفه تمام المعرفة وأعلم أنه منحرف عقليا ولديه إعاقة فكرية وأن هدفه الأساسي هو الشهرة بأي وسيلة ومهما كانت الخسائر، فكيف يتأتى لمثل هذا أن يكون باحثا إسلاميا؟! وأما السبب الثاني فان معظم هؤلاء المشاركين سواء من المسلمين أو من غيرهم، ينظرون إلى أي قادم من الخليج العربي على أنه أقرب إلى المسلم الحقيقي كونه قريبا من منبع الإسلام لغة ومكانا، وهنا تكمن الكارثة الحقيقية خاصة حينما يكون ذلك القادم من تلك الشاكلة، وهي مسؤولية جسيمة لا يعيها معظمنا خاصة عندما نتواجد في مثل هذه الدول. ومنذ اليوم الأول بدأ أخونا هذا بالبحث عن أي فرصة تدخله في نقاش في الدين مع أي من المشاركين، وكان أول القصيدة كفرا حين أخبرنا بأنه لا يؤمن بالحديث والسنة وأنه قرآني فقط، فرددت عليه: لا أستغرب ذلك عليك خاصة أنك معاق فكريا وخارج عن الملة، والغريب في الأمر أنه لا يتورع عن الكذب على الأئمة والعلماء بل وينسب لهم ما لم يقولوه، فقط من أجل أن يدعم كلامه في أي نقاش، خاصة أنه نصب نفسه مفتيا لكل من يسأل عن أي مسألة تتعلق بالإسلام، وان كانت بعض فتاواه توافق هوى الكثيرين بمن فيهم كاتب هذه السطور كونه رفع نصاب تعدد الزوجات إلى 9 بدلا من 4 زوجات، كما أن جميع المشاركين استغربوا من كثرة فتاواه الغريبة والشاذة، وخاصة تلك التي تتعلق بشرب الخمر بعدما تم ضبطه متلبسا من قبل جميع المشاركين يعاقر الخمر في أحد المقاهي ليرد علينا قائلا ان مالك بن أنس أباح شرب القليل من الخمر، فقلت له حيرتنا يا هذا، تارة لا تعترف بالحديث والسنة وتارة أخرى تستشهد بها، دع مالكا وشأنه وابق أنت وشأنك ولا تشوه الدين وسيرة العلماء بحثا لنفسك عن مخرج لكل معصية ترتكبها، كما قمت أيضا بإخبار الجميع بأنه لا يمثل الإسلام بل لا ينتمي له.
وفي رد لي على أحد المشاركين من ماليزيا حين قال لي: اننا نستغرب منكم، فأنتم عرب والرسول صلى الله عليه وسلم منكم، ورغم ذلك يأتي الكثير منكم هنا ويعاقر الخمر ويرتكب الكثير مما نهى عنه الإسلام فقلت له: ألا تعرف أبا لهب؟ فقال: بلى، أليس ذلك الذي تكلم عنه القرآن وأنه في النار؟ فقلت: هو بعينه وهو عم الرسول صلى الله عليه وسلم ومن أقرب الناس إليه نسبا، فلا تقس الأمر بتلك الطريقة حتى لا يطير عقلك، فحقيقي قد يكون القرب من المنبع عاملا من عوامل فهم الدين ولكنه ليس كل العوامل.
المضحك في الأمر أننا حين عدنا إلى السكن أتاني ذلك الخليجي ليخبرني بأنه انضم حديثا إلى إحدى الصحف في بلده ويريد أن يطلعني على مقال يتهجم فيه على الدين، كتبه بإيعاز من رئيس تحرير تلك الجريدة المنحرفة وبعض ملاكها والتي أعرفها تمام المعرفة والهدف الذي أنشئت من أجله، وأنه تلقى اتصالات عدة منهم تثني على مقاله وشجاعته حسب قولهم في الكتابة ويرغبون في المزيد من تلك المقالات.
ومن خلال الحديث معه عن مقاله هذا ودوافعه في الكتابة اتضح لي أنه مجرد عبد مملوك أو بوق صدئ يستخدمه بعض الجبناء سواء في الجريدة أو من لف لفهم لإيصال ما جبنوا عن البوح به والتصريح عنه كونهم لا يجرؤون على ذلك ويعلمون جيدا عواقبه، إلا أن ذلك الغبي كان فرحا بما حصل عليه من شهرة وشتائم حتى وإن كانت سلبية أو مخزية.
هنا في الكويت لا يختلف المشهد كثيرا عن سابقه، فنحن أيضا لدينا بعض الجبناء الذين لايجرؤون على التصريح بما في صدورهم المملوءة بالحقد والحسد والكراهية، لذلك هم يستخدمون بعض الأغبياء الوضعيين لينفثوا سمومهم في المجتمع ويحركونهم كالدمى، يظهرون علينا بين الفينة وأختها عبر بعض الفضائيات المشبوهة والتي باتت إسفينا يضرب في جدار وحدتنا الوطنية وسكينا تغرز في قلب المجتمع الكويتي من اجل حفنة من النقود تلقى إليهم أو تحقيق شهرة مخزية.
وفي رأيي ما هي إلا زوبعة في فنجان وان استمرت لبعض الوقت الا انه لابد لها من أن تخمد ولابد لها من نهاية وساعتها لن يرحم التاريخ الجبناء ولن يرحم الشعب الأغبياء.
[email protected]