الكابتن نايف المتلقم هو قائد الطائرة «فيلكا» التي عاد بها بعد 15 دقيقة من الاقلاع لتهبط على ارض المطار هبوطا اضطراريا بعد ان كانت متجهة الى دكا حاملة 224 راكبا على متنها وذلك نتيجة لانبعاث دخان داخل قمرة القيادة في تصرف حكيم وشجاع منه يجب أن يحسب له لا ان يحاسب عليه، الا أن التصاريح الصادرة عن مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية جاءت متخاذلة ومتناقضة في نفس الوقت، فتارة تقول ان قائد الطائرة بالغ في اجرائه، وتارة اخرى تقول ان الاجراء سليم 100%، مع العلم ان معظم من أخذت تصاريحهم ليس لهم أدنى علاقة بالجانب الفني ولم يتم اخذ تصريح المعني بالأمر وهو قائد الطائرة نفسه الذي تجاهلته معظم وسائل الاعلام، وفي رأيي أنه في سبيل المحافظة على أرواح الناس لا يوجد شي اسمه مبالغة كما أنه بشهادة المؤسسة نفسها طبق المعايير العالمية المعتمدة خاصة اننا جميعا نعلم مدى قدم وتهالك طائرات مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية وإن كان ما حدث مفتعلا فاننا لسنا بصدد ذلك الآن، وانه يجب أن يتم تطبيق أقصى درجات السلامة في مثل هذه الحالات في جميع الخطوط العالمية المحترمة والتى تملك طائرات جديدة وتتم صيانتها بانتظام وبكفاءة عالية، فما بالك اذا كانت طائرات مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية؟.. لا تعليق.
نعلم علما يقينا بأنه محظور على الكابتن نايف التصريح لوسائل الاعلام عن تفاصيل الحادثة الى ان يتم التحقيق في الأمر من قبل لجنة فنية مختصة، ولكننا نتساءل من سيقوم بالتحقيق؟ وما هي اجراءات تشكيل اللجنة ولماذا يحاول السيد حمد الفلاح ـ العضو المنتدب ورئيس مجلس الادارة الضغط على قائد الطائرة لقبول اللجنة غير القانونية والمشكلة بإجراءات خاطئة تخلو من الفنيين ومن ضمن اعضائها اثنان لم تمض على تعيينهما سنة في الطيران المدني فهل يجوز على سبيل المثال أن يحقق ضابط يحمل نجمة مع ضابط برتبة عقيد، وأين الشركة البريطانية المتخصصة التي وعد وزير المواصلات قائد الطائرة بأنه سيتعاقد معها للتحقيق في الحادث؟ وأين مديرو العمليات الذين خرجوا جميعا في اجازات في مثل هذا الظرف الطارئ؟ لا نعلم قد يكونون جميعا ذهبوا الى الحج فجأة .. ربما!
ولمن لا يعلم قبل ثلاثة عشر عاما تقريبا حدث نفس العطل في طائرة سويسرية تفوق جميع طائرات المؤسسة حداثة وتقنية وايضا صيانة وكانت النتيجة أن الطائرة تحطمت بالكامل بسبب سوء التعاطي مع ذلك الخلل وهذه الحادثة موجودة ومثبتة وتدرس في الطيران المدني.
أضف الى ذلك ان الطائرة حين تكون في الجو فان مصيرها لا يقبل القسمة على اثنين، فاما أن تكمل مشوارها وتصل الى وجهتها بسلام واما أن تقع وتحدث الكارثة لا سمح الله، حيث انه ليس هناك مجال لإيقافها في جانب الطريق الأيمن على حارة الأمان والاتصال بخدمة الطريق لإصلاحها كما هو الحال عند تعطل السيارة، اذا لا مجال للمجازفة أو المغامرة بأرواح البشر وسمعة الناقل الوطني للبلاد، حتى ان كان الإنذار كاذبا كما زعم البعض فإنه يؤكد تردي مستوى الصيانة والفحص في المؤسسة، لوكان ذلك التبرير صحيحا، وكما في جميع الاحوال يجب عدم تجاهل الإنذار أو التهاون به أم ان المؤسسة ترغب في التعامل مع الانذار بمفهوم راعي الاغنام الذي استنجد بأهل القرية عدة مرات مدعيا أن الذئب قد هجم على اغنامه ويكتشفون كذبه بعد أن يهبوا لنجدته الى أن وقع المحظور ولم يلتفت له أحد.
جانب آخر مهم أغفله معظم من قال ان الاجراء مبالغ فيه وهو الحالة النفسية للركاب فحالك حين تتحدث وانت على الأرض وتتناول كوبا من الشاي أو فنجالا من القهوة ليس كحال من هو داخل الطائرة وعالق في الجو، ولو لم يتم فتح ابواب الطوارئ وتم الاعتماد على الباب الرئيسي للطائرة لكان الحال أسوأ وكانت الاصابات أكثر وأشد وطأة وذلك نتيجة للتدافع الذي سيحدث من قبل الركاب للوصول الى باب الطائرة كنتيجة طبيعية لموقف كهذا والذي أشك أن تفلح أي تطمينات يقدمها الطاقم في السيطرة عليه. ختاما لا يسعنا الا أن نقول للكابتن نايف سوى كلمة «شكرا»، «شكرا» لأنك طبقت ما تعلمته في دراستك ولم تطبق ما نفعله في بلادنا، «شكرا» لأنك لم تخاطر بأرواح البشر، «شكرا» لك لأنك لم تجازف بسمعة الوطن والناقل الرسمي له.
آخر المطاف، الصديق علي السويقي من المملكة العربية السعودية والذي يعمل في احدى الشركات العالمية انتدب قبل شهرين للعمل في فرع الكويت وقد أعجبته الكويت ومبانيها وتنظيم شوارعها ولكنه صدم حين أراد زيارة أهله في جدة الاسبوع الماضي بمطار الكويت حين تأخرت الطائرة ووجد التدخين منتشرا في جميع أرجاء المطار ليرسل لي رسالة قصيرة قائلا: انا مندهش من سوء التنظيم في مطار الكويت. ورددت عليه لا تندهش فقد اعتدنا ذلك.
كل الشكر للمقدم محمد ناصر العجمي من ادارة مرور الفروانية بالدائري السادس لمهنيته المتميزة وادارته الراقية وأخلاقه العالية مع المراجعين.
[email protected]