«غراس» ذلك المشروع الوطني التوعوي والذي تأسس على يد أناس أفاضل كالسيد عبدالعزيز الصرعاوي، رحمه الله، ود.عويد المشعان وعبدالمحسن العثمان، واضطلع بمواجهة المخدرات وتوعية المجتمع بأضرارها من خلال وسائل الإعلام المتعددة والحملات التوعوية المختلفة تم تصميمها بشكل علمي مدروس ومهنية عالية مثل «الصاحب ساحب، الهواية حماية، أنا أمانة ماني مهانة» وبالمشاريع الإستراتيجية مثل «غراس التربوي، الصحافي، الطلابي، المرأة، الكترو، ونادي غراس المستقبل». وغراس أول مشروع وطني توعوي طويل المدى متخصص في الوقاية من المخدرات تستمر حملاته 7 سنوات متواصلة، كما انه أول مشروع كويتي يعرض في المحافل الدولية ويطلق عليه «تجربة الكويت الإعلامية في مجال الوقاية من المخدرات»، بالإضافة إلى كونه المشروع الإعلامي الأول الذي تم تناوله عند طرح رسالة الدكتوراه لطالبة بحرينية في إحدى الجامعات البريطانية، وهو أول مشروع يطلق قناة فضائية متخصصة للوقاية من المخدرات.
وقد دخل «غراس» في عدة اتفاقيات دولية وخليجية كاتفاقية مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة واتفاقية منتور العالمية لمكافحة المخدرات واتفاقية شرطة دبي برنامج حماية للوقاية من المخدرات، بالإضافة إلى اتفاقيات أخرى. ولغراس إنجازات عديدة للمجتمع من أهمها أن 87% من الآباء أصبحوا أكثر وعيا بخطر المخدرات وأهمية متابعة أبنائهم، و93% من الأبناء تعلموا ضرورة تجنب أصدقاء السوء وانتقاء الأصدقاء بعناية، أما على المستوى الأمني فقد انخفضت قضايا حيازة وتعاطي المخدرات في عام 2007 بنسبة 12.6% عن عام 2006 كما انخفض عدد قضايا جلب المخدرات في العام نفسه بنسبة 32.46%، ومن أهم ما قيل عن «غراس» من قبل بعض الشخصيات العالمية ما يلي:
«لم أتوقع وجود مشروع بهذا النضج والعمق والعلمية في العالم العربي ـ المستشار الاتصالي للبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة باتريك روبرت».
«مشروع فريد من نوعه ونرغب بأن تترجم تجربة غراس إلى الانجليزية لتعميمها على أعضاء المؤسسة ـ المدير التنفيذي لمؤسسة مينتور السويدية جيف لي».
«غراس مشروع إبداعي لأقصى الحدود ـ خبير منظمة الصحة العالمية كوشاش».
«إن تجربتك الوليدة تستحق من الجميع الدعم والمساندة - رئيس مجلس الأمة جاسم الخرافي».
ولمن لا يعلم فإن «غراس» ذلك المشروع الجميل هو نتاج تحالف وشراكة بين مؤسسات حكومية وأهلية وقطاع خاص التقت إرادتها على مواجهة آفة المخدرات ويتلقى الدعم منها وتقوم ميزانيته على 300 ألف دينار مقدمة من اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات و50 ألف دينار من قبل بيت الزكاة أي ما مجموعه 350 ألفا سنويا وهو مبلغ ضئيل إذا ما قورن بإنجازات وخطط وأهداف ذلك المشروع الكبير، حيث يذهب أكثر من ربع ذلك المبلغ كإيجار سنوي للقناة الفضائية حاليا، خاصة بعدما توقفت جهات القطاع الخاص الداعمة عن تمويل المشروع كبيت التمويل الكويتي وشركة زين للاتصالات المتنقلة بالإضافة إلى عدم مساهمة اتحاد الجمعيات التعاونية بالمشروع منذ انطلاقة بالرغم من توقيعه على اتفاقية دعم المشروع، مما تسبب انحسار نشاط «غراس» وتراجعه عن السابق وانطفاء بريقه وقد يصل الأمر إلى اختفائه نهائيا بسبب قلة الموارد إذا لم يتم إنقاذه. ما يحزنني حقيقة هو أننا في الكويت دائما ما نسبق أقراننا في الأفكار والمشاريع الخلاقة إلا أننا في نهاية الأمر نتركها لتموت أو أن يتبناها غيرنا، هنا نكون أشبه ما يكون بمن يضع البذرة ويقوم بسقيها ورعايتها وحين تكبر وتصبح نبتة نقطع الماء عنها أو نترك المجال لغيرنا ليرعاها ويجني ثمرتها، وهذا ما حدث مع «غراس» حيث ان هناك دعوات جادة من قبل جهات وشخصيات مهمة في كل من دولتي قطر والإمارات لتقديم الدعم اللازم لذلك المشروع مقابل الانتقال بالكامل في حين أن مدير تسويق في إحدى شركات الاتصالات الصغيرة لا يتجاوز عمره الثلاثين عاما يقوم بفتح بريده الاليكتروني والاتصال بأصدقائه على face book خلال اجتماع وفد «غراس» معه لطلب الدعم من الشركة دونما وضع اعتبار لعامل السن والآداب العامة لمن يجلس أمامه.
بالرغم من صمود القائمين على المشروع للبقاء في الكويت حتى الآن، إلا أنني أظن أن ذلك لن يطول كثيرا إذا لم يتم إسعافه، خاصة أنهم لم يتسلموا رواتبهم منذ 4 أشهر، فمن ينقذ «غراس» قبل الإفلاس؟
وكيل وزارة الصحة د.إبراهيم العبدالهادي شخصية جميلة منفتحة وغير معقدة بالإضافة إلى تميزه بالأخلاق الرفيعة، نأمل أن يستطيع في القريب العاجل أن يخلص الوزارة من بيروقراطية بعض العقليات الديناصورية، وفقك الله يا دكتور. كما نشكر مدير مكتب الوكيل حسين الفراج على تعامله الراقي وأخلاقه العالية مع المراجعين، قواك الله يابوعلي.
[email protected]