صالح الشايجي
حظوظـنا في بلادنـا قليلـة ـ نحن الذيـن نحب الحـياة ونؤمن بالانفـتـاح وبأن من حق الناس أن تعــيش تحت الـشـمس، لا فـي الكهــوف ولا في السـراديب ـ حـقوقنا مـسلوبة، نعــــيش لا كمـا نريد، بل كما يريد لنا البـعض أن نعيش! وهذا قمة الاستـرقاق ومبلغ الاسـتعباد! نـطـــبق قوانين لا نؤمن بها، لا لأننا فوضـويون أو مصارعــون، بل لأن مـثل هذه الـقـوانين تتـعـارض والطبــيـعـة الإنسـانيـة، ولأنهـا خـاصة بـبلادنا، ولـيـــست مــوجـودة في الـبـلاد الأخــرى، لذلك فــإن تلك الــقـوانـين تتـصف بالتـخلف أو بـسلب حـريات الناس.
ادعوا ـ زورا وبهـتانا ـ ونفـخوا في مزامـيرهم ودقوا طبولهم وأقاموا سياجا، وقالوا: هذه عاداتنا وتقـاليدنا وثوابتنا! وأضافوا ـ بفـخر كـافتـخار النسر بجناحيه ـ إننا مجتمع محافظ!
ويحهم. . وويح مازعموا. . ! لعـمري ذلك افتئات وجور ومحض فجور أو قصور في الفهم والإدراك، فـالعادات ـ أيهـا الزاعمـون ـ تصنعهـا الشعـوب وتبتكرها ظروفهم المعيشـية والمعاشية، وبالتالي فهي مـتبـدلة، فليس من عادة أو تـقليد، وأمهـاتنا تسـوق النـوق أو تحلب ضـرع مـاعـز البــــيت، يظلان مـعـنا، ونحن نقـود السـيــارات الفـارهة ونشـرب الحليب المبـستـر المعلب! كـما أن عـادات البـيوت الطينيـة وتقاليـد بيوت الشـعر وفـضاء الصحراء الرحيب والرهيب، لا نستطيع أن نتمسك بهـا ونحن نسكن أفخم البـيوت المبـردة والمرفهـة وعيـالنا يتعلمون نظرية «دارون» ويبـحرون في عـالم «الإنتـرنت» والعـالم كله أصـبح بين أيدينا وبكبسة زر واحدة!
لماذا لم نـتـمــسك بـ «الفــريج» وبيـت الطين والنـــاقة وبيت الشعـر، إن كنا ـ فعلا ـ حريصين على «عـاداتنا وتقاليـدنا»؟! لأن المنـــطق ضـــد هذا الأمــر، وبالتـالـي فـإن لكل عــصـر عــاداته وتقـاليـــده، أمـا المحـافظة فهي قـمـة التـحجـر والتخلف، فلا تفاخروا بها لأنها تخرجكم من دائرة الإنسان المفكر والمتحرك والمتحول!
نداء سـيضـيع في الهواء، كـما ضـاعت نداءات قــبله، لذلك فـنحن ـ أهل الحــيــاة الكويتــيين ـ مظلومون في بلادنا وحظوظنا قليلة!