صالح الشايجي
على طريقة الآباء في الافلام المصرية الذين ينتظرون ولادة زوجاتهم في المستشفيات، حيث يبقى الاب قلقا يذرع ممر المستشفى جيئة وذهابا، مرددا: ولد بنت، ولد بنت، وهكذا، حتى يصرخ المولود فتمتلئ الارجاء زغاريد وتهاني وتبريكات، ومبروك «جالك ولد» أو «جات لك بنت»!
على الطريقة ذاتها حالنا نحن في هذه البلاد، ولكن حالنا عبارة عن واقع، لا صورة متخيلة في فيلم، فبينما يردد الاب في الفيلم: ولد.. بنت.. ولد.. بنت! نردد نحن: حل.. ماكو حل.. حل.. ماكو حل! ونقصد بذلك حل مجلس الامة! او مجلس «أمة ضحكت من جهلها الامم!».
هذا هو حالنا منذ سنوات، نبحث عن الحل فلا نجده، وكلما اقترب وتلألأ في عيوننا وهفونا اليه سريعا، اكتشفنا انه سراب يحسبه الظمآن ماء!
من اراد ان يتزوج يؤجل زواجه الى ما بعد الحل، ومن ارادت ان تحمل تؤجل حملها الى ما بعد الحل، وكذلك من اراد ان يتوظف او يطلّق او حتى يشتري سيارة، او من اراد ان يسافر، بل ان البعض بالغ في التفاؤل، فامتنع عن الذهاب الى «الخباز» لشراء خبز يومه، انتظارا للفرج المتمثل في الحل!
احد الاصدقاء افتقدته زمنا طويلا لم يتصل بي بأي صورة من الصور، لم يهاتفني او يزرني حتى انه لم يحمّل حمامه «الزاجل» سلاما لحضرتي! فلما رأيته مصادفة في احدى المناسبات الاجتماعية غير السارة، ابديت له استغرابي من مقاطعته لي وعدم سؤاله عني او اتصاله بي! قال: سامحني «والله ناطر الحل» حتى أتصل بك!
بعض الاخوة من غير الكويتيين يحملوننا خطأ مطالبتنا بالحل، ويحسدوننا على «نعمة الديموقراطية» وهم غير ملومين فيما يقولون، ولكننا «اهل مكة» وأدرى بشعابها وبمجلسها ونوابها ونوائبها! و«لا يعرف الشوق الا من يكابده»! و«لكل داء دواء يستطب به الا الحماقة اعيت من يداويها»! وكلام كثير!
حل.. ماكو حل.. حل.. ماكو حل! تلك هي القضية! وكما قال الفرزدق:
أولئك نوابي فجئني بمثلهم
إذا جمعتنا يا جرير المجامع
«وابـقـى حلـّنـي»!