صالح الشايجي
لم يكن مفاجئا ولا مستغربا اهتراء المؤسسات التي استغلت الدين وحاولت تسلق تعاليمه لأغراضها الشخصية، وتحقيق طموحاتها بتغيير هوية المجتمع من أجل السيطرة عليه، ولتكون لها الكلمة المسموعة فيه، وللتأثير على الناس ومحاولة استعبادهم وجعلهم من الهتافين والمصفقين لها لتتباهى بجماهيريتها.
نعلم ان هذه القوى الفاسدة، لم تكن تتحرك بقوتها الذاتية، وانها كانت مجرد منفذ لسياسة حكومية متخلفة، حاولت من خلالها الحكومة تفكيك المجتمع، وإيجاد قوى بديلة تنفذ لها هذه السياسة، فراهنت على تلك القوى الفاسدة، ودفعت بها الى الساحة بقوة وأمدتها بالإمكانات كلها المادية والمعنوية وكل ما تحتاج إليه! ولكننا نشهد الآن الانهيارات المتتالية في تلك المؤسسات الفاسدة، بدءا من الخسائر المخزية لكوادرها المرشحة للانتخابات الأخيرة، واستمرارا في الهبوط الشعبي السريع وانكشافات ألاعيبها وتخلخل بناها القيادية والاستقالات المتوالية التي دعت بعض تلك المؤسسات الى تقديم كوادر فاشلة ومعدومة المواهب للمناصب القيادية فيها.
ولكن المهم هو هل ستتعظ الحكومة وتستفيد من هذا الدرس ومن هذه الصفعة المدوّية؟! هل تدرك الحكومة ان سياسة «فرّق تسد» لا تصلح لإدارة البلاد، وانها ضد المصلحة الوطنية العليا، وان الحكومات لا تنتهج مثل هذا النهج المدمّر؟
أنا لا أراهن على اتعاظ الحكومة أو استفادتها من هذا الدرس ومن دروس غيره ربما كانت نتائجها كارثية وأكثر إيلاما، لذلك فإننا كمواطنين لابد أن نتحمل مسؤولياتنا ولا نعوّل على رشاد الحكومة واتعاظها وتعقلها، وفي الطليعة أولئك القادة الاجتماعيون المزعومون الذين لا يتركون مناسبة إلا ويبرزون بوجوههم اللامعة ويعتلون المنابر ويرتقون المنصات يحدثوننا عن الوباء والفساد والديموقراطية والوطنية والمستقبل، مع نشيد قصير عن الماضي وحلاوته وصلاحه، ثم يكتفون بالتصفيق والمرور على «البوفيه»! وكأنهم بذلك قد أدوا أدوارهم الوطنية وواجباتهم نحو وطنهم ومجتمعهم، دون تفعيل حقيقي وتحرك يحمي البلاد من غائلة الفساد المتمثل أساسا في تحالف الحكومة مع الفئات الفاسدة.