شاهدت خارطة للدول التي ترتفع فيها نسبة الاكتئاب فكانت الكويت من ضمن هذه الدول.
لم يدهشني ذلك ولم يثر استغرابي ولكنه صدمني من حيث إنه أكد ما كنت أظنه احتمالا أوظنّا.
ولكن من كان مندهشا ومتفاجئا ومستغربا هو صديقي الذي دلّني على تلك الخارطة، وأسباب استغرابه كثيرة.
فهو يقول كيف لبلد غني ومستقر سياسيا والمواطن فيه ينال جميع حقوقه وفيه نسبة من الديموقراطية، وحرية التعبير عن الرأي فيه مكفولة و.. و.. و.. إلى آخر ما هو معروف عن الكويت من ميزات، كيف لبلد مثل هذا أن ينتشر فيه الاكتئاب؟!
للوهلة الأولى فإن استغراب صديقي مبرر وهو محق فيما قاله وبما أثار استغرابه، فمن المفترض أن بلادا في مثل هذه المواصفات يكون فيها المرءُ سعيدا لا مكتئبا!
وكان من ضمن ردي على استغرابه، أنه قد تكون تلك الأسباب التي أوردها كعوامل تسعد الإنسان وتبعده عن الاكتئاب، هي السبب في الاكتئاب.
وتذكرت في هذا الوارد ما نقرأه من إحصائيات تؤكد أن نسبة الانتحار الأكثر هي في أكثر البلاد رقيا وغنى ورفاهية.
نعم إن الكويتي يتمتع بمستوى دخل مرتفع نوعا ما وتتوافر له الخدمات الأساسية من تعليم وتطبيب ومعونات اجتماعية، وتتكفل الدولة بجميع ما يخص المواطن وما يحتاجه، بما في ذلك السكن وكثير من الأمور الأخرى، وكذلك يتمتع المواطن الكويتي بالحرية السياسية النسبية من خلال وجود برلمان منتخب ودستور وصحافة حرة وما الى ذلك، ولكن بالمقابل نجد أن الفساد منتشر بشكل مخيف وعاصف، ونرى أن من كان بالأمس خاوي الجيوب بات اليوم من أصحاب الأرصدة الملايينية، وكذلك انتشار الفئوية والطبقية في المجتمع الكويتي واستشراء النزعة المادية، كل تلك عوامل تعمل على تهديم النفوس وتضعيفها وتقدمها لقمة سائغة للاكتئاب ولغيره من الأمراض.
ثم إن الوفرة المالية التي يتمتع بها الفرد الكويتي، عوّدته نعومة العيش ورهافة النفس والإحساس، لذلك هو عرضة للاكتئاب وفريسة سهلة له لعدم تمتعه بمصدات نفسية لغائلة هذا المرض.
هل وصل هذا الخبر لأسماع المسؤولين؟ وهل سيعملون على معالجة الأمر؟ أم أن المسؤولين أنفسهم هم سبب هذا الاكتئاب؟!
[email protected]