[email protected]
من نافلة القول التأكيد على أن فعل الخير لا يقتصر على البذل المالي أو العيني بصوره كافة.
بل إن كل مساعدة للآخرين هي فعل خير، وحتى الكلمة الطيبة والابتسامة فعل خير وقيل في المأثور «وتبسمك في وجه أخيك صدقة».
ولقد تم حصر العمل الخيري في التبرع النقدي وذلك بعدما تسيد المشهد ذوو الصبغة الدينية، مع حض ونصح وتهديد بضرورة التبرع النقدي، وكثرت لجان الزكوات والصدقات ولجان الخير التي تجمع الأموال ولا تكتفي، وأهل الخير في ازدياد ولا ينقصون.
إذن تم حصر فعل الخير في التبرع النقدي لا غير وما عدنا نرى أهل الخير الحقيقيين من الذين يقدمون الخدمات العامة تطوعا ودون هدف مادي.
وساد في هذا القطاع «الخيري» من هم ومع الأسف ليسوا من أهل الخير إنما ركبوا الموجة وغيّروا جلودهم ونزعوا ما كانوا فيه وعليه من سلوك وطباع ليرتدوا الزي الديني وينخرطوا في «العمل الخيري» الذي حصدوا منه خيرا كثيرا.
ونتيجة تراكم أموال «المحسنين وأهل الخير» في أيدي راكبي الموجة الدينية ونازعي الجلد القديم، فقد راحت هذه الأموال في اتجاهات الشر بدل الخير، وبدأنا نسمع عن منظمات «جهادية» اتخذت الإرعاب والقتل مسلكا لها تروع الآمنين وتغزو البلدان وتفتك بالناس وتخطف الطائرات وتقطع الرؤوس وتسبي النساء وتغتصبهن، وهي ممولة في أغلبها من تلك اللجان «الخيرية» التي حصرت فعل الخير في التجميع النقدي أولا والتبرع به للـ«جهاديين» ثانيا!!
إطعام جائع وإكساء عارٍ وتطبيب مريض وتعليم جاهل، هذه ليست من أفعال الخير! ولكن القتل والترويع والاغتصاب هي أفعال الخير! هكذا يقيم السادة القائمون على «الجمعيات الخيرية» أفعال الخير، ومع الأسف فإن كل ذلك يتم تحت أسماع كل الحكومات وأبصارها بما فيها حكومات الدول الكبرى والتي استغلت أموال أهل الخير المتبرعين بها من أجل مقاصد حسنة وإنسانية، لإنشاء منظمات إرهابية كـ«داعش» وغيرها من علامات الإرهاب الكبرى في زماننا ونسبة جرائمها إلى الإسلام وكأنما الإسلام لا يستمر ولا ينمو إلا بهذا القتل والدمار.
وسيستمر الإرهاب ما دام هناك حسنو نية من أهل الخير!!