ليس سهلا ما يجري في إيران، وموسم القطاف سوف يطول ويطول، ولن تضع الثورة أوزارها قريبا، وسيموت خلق كثيرون ويتشتت عباد وستنفطر قلوب أمهات وستتعدد الثكالى وستزيد الأرامل ويتيتم أطفال كثر، لا بسبب ضعف الثوار الذين ملأوا الشوارع والميادين الإيرانية، ولكن لأن النظام سلطوي ودموي لا يأبه بما يريق من دماء ولا بما يصيب البلاد من بلاء وخراب.
وفي كتاب صدر قبل سنوات للقاضية الإيرانية الفائزة بجائزة نوبل شيرين عبادي ملأت الكثير من صفحاته بهول نظام الملالي وقسوته ودمويته واستعداده للذهاب إلى آخر الطريق في سبيل استمراره على رأس السلطة مهما كانت الخسائر والضحايا. وأرواح المواطنين ليست ذات أهمية عنده، وإشعال البلاد وحرقها لا يهز شعرة في جفن أصغر أفراده.
وهي بذلك لا تتحدث عما جرى قبل سنوات في إيران من ثورة شعبية تزامنت مع ما سمي بالربيع العربي ولا ما جرى بعد فوز أحمدي نجاد بالرئاسة المزورة على حساب منافسيه حسن موسوي ومهدي كروبي، بل أبعد من ذلك بكثير أيام الخميني وقبل أن تقوى شوكة النظام مثلما هي اليوم.
ولكن هذا لا يعني أن الثوار سيلقون بأسلحتهم ويتوسدون أيديهم نائمين تحت ظل شجرة، بل هم مستمرون إلى آخر مدى وحتى يخرجوا الثعابين من غيرانها، ليعلنوا تحرير بلادهم من نظام عاث بهم وببلادهم وبلدان غيرهم فسادا وقتلا ودمارا وأنفق أموالهم على نشر الفتن والقتل والحروب وجعلهم فقراء يتسولون لقمتهم وقوت عيالهم.
لقد بالغ النظام الإيراني في تيهه وصلفه وغروره فراح يشعل النيران في بلاد هادئة مطمئنة لا ناقة له فيها ولا جمل سوى طموحه في التوسع واسترقاق الشعوب ونجح في إيجاد أذيال له في بعض البلاد العربية مع الأسف كالعراق التي تعامل معها بحقد تاريخي دفين فراح يغير معالمها العربية التاريخية ليصبغها بصبغته الحاقدة الكريهة.
ولم يكتف بجارته العراق بل راح يمد أذرعه إلى سورية ولبنان واليمن، ويثير الفتن في البلاد المطمئنة ويؤلب الشعوب ضد بلدانها.
كان لابد للنظام الإيراني أن يعي أن النار التي أشعلها في بلاد الآخرين سوف يصل شررها وشرها إليه ذات يوم، ولكن غروره وصلفه أغلقا عينيه عن تلك الحقيقة.
[email protected]