لم يستطع الرئيس الأميركي باراك أوباما أن يضع حدا للانتهاكات والممارسات اللاإنسانية التي يرتكبها الجيش الأميركي في سجونه السرية التي ينشئها في الدول التي يذهب للحرب فيها كالعراق وأفغانستان من تعذيب وقتل، بل ومداهمات لمنازل بحجة ملاحقة إرهابيين أو محتجين على وجوده. وقد تعهد أوباما في بداية عهده بمعاقبة من قام بفعل ذلك خلال عهد الرئيس السابق جورج دبليو بوش، بل زاد وأكد أنه لن تكن هناك أي ممارسات مماثلة في عهده.. إلا أنه لم يفعل شيئا.
وقد نشرت منظمة العفو الدولية في أغسطس الماضي تقريرا بعنوان «شخوص تركوا في الظلام»، أشارت فيه إلى أن الجيش الأميركي تغاضى عن عمليات قتل منظم وغير قانوني وبأدلة قاطعة على تلك العمليات جراء التعذيب في أفغانستان خلال العام الماضي.
وتقول المنظمة المعنية بحقوق الإنسان في تقريرها أن الجيش الأميركي كان يمارس سلوكا إجراميا وبشكل منتظم لاستنطاق المتهمين ما أدى إلى قتل العديد ممن تم اعتقالهم، في حين أن عائلات القتلى ما زالوا ينتظرون استجواب عدد من عناصر الجيش الأميركي في إطار التحقيق معه للوصول إلى حقيقة الأمر ومعاقبة من فعل ذلك.
وذهب التقرير إلى القول انه كان هناك قلق بشأن جرائم الحرب التي ارتكبها الجيش الأميركي في أفغانستان، يليها غياب المسؤولية المروع عن قتل المدنيين الأفغان على أيدي تلك القوات.
ولم ينف الپنتاغون المزاعم التي جاءت في التقرير، لكنه كرر القول المعتاد في مثل هذه الأمور «إن سياسة الولايات المتحدة بشأن التعذيب وجرائم الحرب معروفة وواضحة حيث ترفض ذلك تماما»، وهي في الحقيقة أكاذيب اعتاد الجميع على سماعها في ظل سلوكيات الجيش الأميركي وأفعاله وكأننا أمام فيلم «كاوبوي» أميركي.
تنص سياسة «الپنتاغون» ببساطة شديدة على أنه لا يسمح لموظفيها بالانخراط في أعمال التعذيب أو الأعمال اللاإنسانية أو المهينة من أي شخص يعمل تحت إمرتها. إلا أن سلوكيات عناصرها تعمل عكس ذلك تماما لأنها لا تجد الرادع أو العقاب الصارم والشديد، والأدلة كثيرة جدا، سواء كانت في العراق أو في أفغانستان، وحتى في فيتنام والصومال.
ووفقا لتقرير منظمة العفو، فإن وحدة القوات الخاصة الأميركية التابعة للپنتاغون داهمت منزلا في 12 فبراير 2010، وقتلت خمسة أشخاص من خلال عناصر قوة القناصة التابعة لها، والتي كانت على مقربة من المنزل، وكان من بين القتلى نساء حوامل وأطفال، وليس متمردين كما ادعت وزارة الدفاع الأميركية آنذاك، بل وزادت تلك القوات في فعلها المشين من أجل إزالة الأدلة عمدا، حيث قامت بسحب الرصاص من الجثث ووضعت في أيديهم السكاكين التي كانت بحوزة القوات، لتكون حجتهم ومزاعمهم وتبريراتهم لعملية القتل الجماعي هذه، وبذلك خسر الجيش الأميركي معركة قلوب وعقول الشعب الأفغاني مثل سابقتها في حرب العراق. وسيترك خلفه عند انسحابه آخر العام المقبل من أفغانستان، كل ما يمكن ذكره من كراهية وحقد، بل ولم يبق شيئا من الإنسانية والعزة والكرامة لدى الأفغان.