يشاء الله أن نفترق، ونبتعد، يشاء الله أن تختبر قوتنا، وتصقل ذواتنا، يشاء الله أن نحيا كما لم نعتد من قبل، أن نبقى، أن نتشارك، أن يظل الوصل ولو بخيط رفيع، ركيك، لكنه باق. يشاء الله أن تسافر الصديقة، ويسافر معها استقرارنا، وأحاديثنا المسروقة من زحمة الأعمال، تضيع الأوقات بيننا، وتفقد الأخبار سخونتها وطزاجتها. فنهاري عندهم ليل، ونشاطهم عندي سكون. وهكذا تطول المدة أكثر فأكثر.
إن هذا النوع من الوصل - وإن لم أحبه - علمني أن كل شيء ممكن، وأن أي شيء يمكن له أن يغيب، يغيب فترة، يغيب زمنا، قد يطول وقد يقصر، وقد لا يعود أبدا، إن الفترة التي رافقت سفر الصديقة كانت بالفعل مخاضا شديدا، كانت أشبه بالتجارب التي تلامس القلب، تعيد إليه شيئا كان يحتاجه، ترتب فيه شيئا طال ضياعه. إن هذا النوع من الوصل علمني أن أفخر بتسع سنين مضت من الأخوة الثمينة، من الأخوة النادرة، من الثقة العميقة، والحب الصادق.
من السفر نتعلم أن الوطن ليس شيئا رمزيا أنت تحمله، هو شعور أنت تعيشه، وتتقمصه، هو حبك، هو انتماؤك، هو راحتك. الوطن بقعة أرض، الوطن قلب صديق، الوطن أسرة مجتمعة، الوطن أنت تصنعه.
[email protected]
Twitter @shaika_a