إن جميع السلوكيات والقيم ومفاهيم الحياة يتم غرسها منذ الصغر، ومن النقاط التي أود إثارتها في مقال الأسبوع هي تنشئة الفتيات الصغيرات اليوم بمفاهيم خاطئة تتعارض مع عاداتنا وتقاليدنا وقيمنا الاسلامية بحجة أنهم صغار في السن، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أكرموا أولادكم وأحسنوا آدابهم»، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه vيهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء»، وتفسيرا لمفردات الحديث ليكون واضحا للقارئ، الفطرة: هي ما ركز في النفوس من الإيمان بوجود الله والاعتراف بربوبيته، يهودانه: يصيرانه يهوديا، ينصرانه: يصيرانه نصرانيا، يمجسانه: يصيرانه مجوسيا، جمعاء: سالمة من العيوب، جدعاء: مقطوعة الأذن، ويقول الحق تبارك وتعالى في محكم كتابه الكريم: (فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون) [الروم: 30].
تدهشني عبارات تتوارد بين الناس حتى أصبحت ثقافة دارجة عند الغالبية، مثال «حجاب الفتاة الصغيرة تعقيد وطمس للطفولة»، «اللباس الواسع للفتاة الصغيرة كسر لنفسيتها حيث الملابس الضيقة والقصيرة لا إشكال فيها فهي صغيرة، وما دامت صغيرة فلنجعلها تتمتع بطفولتها»، «تشجيعها على تقليد الغرب في اللباس وقصات الشعر والحركات ومخارج الحروف»، «الصلاة والصيام والحجاب لا يدرب عليه بحجة أنها صغيرة، وهي عندما تكبر سوف تتعلم وتوجه نفسها»، «تعزيز الشخصية النرجسية، أي مساعدتها لإبراز مفاتنها وشراء المغري والفاتن والباهظ الثمن من أجل إبرازها مميزة من بين الفتيات الصغيرات»، «لا تلقن ولا تتعلم كلمة حرام وعيب بشكلها الصحيح خوفا على نفسيتها من التوتر والقلق لأنها صغيرة»، «تنشئتها على تقديس المناسبات التافهة والتي لا تمت لنا بصله مثل الكريسماس، وعيد رأس السنة، وأعياد الميلاد، وإقامة الاحتفالات بمناسبة أو غير مناسبة، والبدع في التكليف والشراء بعيدا عن البساطة والفطرة السليمة»، «تشجيعها على مشاهدة وتقليد شخصيات أفلام (ديزني دون أدنى وعي أو فكر)»، «تنشئتها على الشراسة والغيرة وعدم التسامح واللسان البذيء دون توجيهها التوجيه الصحيح والدفاع عن النفس بالشكل السليم».
جميع ما سبق للأسف نتاج قلة الوازع الديني، فالمثل يقول إن السمكة الفاسدة تفسد السمك الذي حولها، فالأسرة التي عندها عادات وتقاليد تناقض واقعنا الاجتماعي، تفسد وتنشر فسادها في المجتمع، ويقول رسولنا الكريم: «يأتي على الناس زمان القابض على دينه كالقابض على الجمر»، وهذا ما يحدث في زماننا.
الفتاة مثل الوردة إذا تم الحفاظ علها وغذيت، بقيت مزهرة وقوية وذات رائحة طيبة، وإن أهملت ذبلت وجفت وخرجت منها رائحة كريهة، فالقيم من حياء وستر وفكر سليم وروح البساطة والعبادة والأخلاقيات السليمة التي تكفل بناء شخصية مسلمة تؤهل لبناء أجيال ومجتمع مسلم قوي تغرس منذ الصغر وتتعلم حتى تغرس في النفس وتتأصل، إن تنشئة الفتاة الصغيرة على المباح والترف والرفاهية تنتج فتاة متمردة ذات أخلاقيات فاسدة وفكر ملتو يعتريه التعرجات بعيد عن الاستقامة، دون أهداف وغايات سليمة، ودون تأهيل للدور الذي خلقت من أجله هي التربية وإدارة أسرة.
e-mail: [email protected]
twitter: @family_sciences