بدأت منذ أيام الدورة الرابعة للمنتدى الخليجي للإعلام السياسي تحت عنوان «الإعلام والهوية الخليجية» والتي نظمتها الشقيقة مملكة البحرين تحت إشراف معهد البحرين للتنمية السياسية، وذلك برعاية معالي الشيخ خالد بن عبدالله آل خليفة حفظه الله وعدد كبير من المسؤولين والصحافيين ورموز الإعلام الخليجي وهي المناسبة التي تشرفت بحضورها بدعوة من القائمين على هذا المنتدى للتكريم بجائزة الصحافة الأولى في موضوع «ثقافة السلم الأهلي»، وإذ إنني أعتبر هذا التكريم وهذه الجائزة بمنزلة التكليف لا التشريف وهي بمنزلة الأمانة التي تحملت مسؤوليتها وذلك لخدمة مجتمعنا الخليجي الكبير والذي لايزال أمامه الكثير، بل والكثير جدا لنحقق فيه ما نأمل حقيقة من تقدم وريادة ومواكبة لكل التطورات ومظاهر الحداثة وعوامل التحديث والتي لا شك لن تتحقق إلا بالإعلام المتميز والتعليم العالي المتطور والتعددية الثقافية والانفتاح الحقيقي على العالم بما لا يتعارض مع قيمنا وثوابتنا وهويتنا التي تميزنا كخليجيين عن غيرنا.
وحقيقة كان المنتدى ثريا جدا بالنقاشات الجادة وكلمات السادة ضيوف المنتدى حول الإعلام الخليجي والهوية والتحديات المقبلين عليها لمواجهة الأخطار التي تهدد هذه الهوية والتي للأسف وكما ذكر وزير شؤون الإعلام البحريني علي بن محمد الرميحي أن 80% من الفضائيات المتهمة بانتهاج سياسة تبتعد عن الهوية الخليجية بالإضافة إلى 40 فضائية تستخدم خطابا طائفيا يمتلكها مستثمرون خليجيون، ودعا معاليه إلى تفعيل خطاب إعلامي وطني يعتز بالثقافة العربية الخليجية ويحافظ على هويتنا المستهدفة إقليميا وعالميا.
وأنا أضم صوتي لصوت وزير شؤون الإعلام البحريني ولكل صوت خليجي أصيل وذلك لإعلاء قيم المواطنة وترسيخ مفهوم الهوية وألا نجعل لغة المصالح الشخصية تعلو على المصالح العامة لشعوب منطقة الخليج، وأن تكون المواطنة والهوية هي معركتنا التي رفعنا رايتها ولن نتنازل عنها حفاظا على القيم الإنسانية والكرامة والعزة لكل مواطن خليجي.
من حق المستثمرين في الإعلام أن يبحثوا عن مكاسب مادية ولكن لا يكون ذلك باختراق ثقافات أخرى تهدف إلى نسخ هويتنا، فكل بقعة على وجه الأرض لها خصوصيتها وهويتها التي تعتز بها ونحن لسنا أقل من الآخرين ممن يقاتلون بشرف للحفاظ على مكتسباتهم الحضارية، لأني أرى أن الهوية هي الكرامة وعنوان لكل مجتمع بشري وليست رفاهية فكرية ثقافية مجتمعية وهي روح تنتقل من جيل إلى جيل مشبعة بحب الوطن والانتماء إلى ترابه الغالي.
وكما ذكرنا في مقالات سابقة أصبح الإعلام أقوى سلاح في أيدي القوى العالمية والإقليمية والتي تتحكم فيما يقدم من معلومات في الخبر والرأي وخاصة على المواقع الإخبارية والتواصل الاجتماعي وهي دائما تسعى لبرمجة المتلقي وخاصة من شريحة الشباب لخلق توجه مستقبلي يسهل التحكم فيه.
لذلك علينا أن نكون حذرين فيما يقدم على وسائل إعلامنا والتي نمتلك أغلبها لتعريف الأجيال القادمة معنى الانتماء والهوية والتي هي بمنزلة الكرامة الوطنية التي نتوارثها جيلا بعد جيل، ولذلك نثمن ونقدر الجهود التي يبذلها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في جولاته الأخيرة لدول الخليج لتعزيز الروابط التاريخية والمصير المشترك والتي استهلها بزيارة دولة الإمارات العربية المتحدة للقاء سمو الشيخ خليفة بن زايد رئيس دولة الإمارات وسمو الشيخ محمد بن زايد ولي العهد وحاكم إمارة أبوظبي وسمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم إمارة دبي ثم توجه جلالته لدولة قطر ليلتقي مع أمير دولة قطر سمو الشيخ تميم بن حمد، ثم إلى مملكة البحرين للمشاركة في الدورة الـ 37 لقمة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ويختتم جولاته بزيارة الكويت للقاء صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، لمناقشة كافة الزيارات وما تم فيها من أجل تحقيق الوحدة والترابط بين شعوب دول مجلس التعاون الخليجي والتي نترقب جميعا نتائجها المثمرة بفضل الله تعالى ونسأل الله تعالى أن يحفظ قادتنا ويوفقهم لما فيه الخير لنا جميعا حاضرا ومستقبلا.