يربط الناس هذه الأيام في الأردن بين الإصلاح المأمول ودستور 1952، وفي ليبيا يرفع الليبيون علم الاستقلال القديم بألوانه الثلاثة ويحرقون علم القذافي، أما في مصر فيتذكر الناس دولتهم المدنية التي خبروها قبل انقلاب «جمال عبدالناصر حسين» الذي أنهى التعددية السياسية وصادر الحريات وغيب التنمية، والأمثلة تتكرر في أكثر من دولة «شرقوسطية».
لقد تعرضت مجتمعات المنطقة لأكثر من خمسين عاما لحالة تجميد، وكأن الزمن توقف أو تراجع القهقرى، فالشعب تحول إلى رعية، والتنمية بالكاد تحبو، والتعليم تعرض لصنوف التشويه، والديموقراطيات صارت أقرب للديكورات المسرحية، والحريات تراجعت، والفساد تعملق وتوحشن، والتسطيح أضحى سمة من سمات الثقافة العربية، ولم تسلم الفنون والعلوم من حالة التدهور والانحطاط.
خمسون عاما ومجتمعات المنطقة تتوزع بين موقفين هما «مكانك راوح» أو «للخلف در» فهيمنت عليها الأفكار الفاشستية والآراء الطوباوية الخيالية، وانتشرت في ساحاتها العصبويات الفئوية والمذهبية والقبائلية. ويمكن للراصد ملاحظة أنه كلما خرج مجتمع عربي من غيبوبته بادر بالبحث عن آثاره الطيبة في ماضيه القديم وكأنه يعيش حالة «عودة إلى المستقبل».
www.salahsayer.com