خبرت الكويت مذ كانت قهر الصعاب وتحقيق المنجزات الصعبة وكنت أشرت من قبل إلى عبقرية القلاليف الكويتيين الذين صنعوا أفضل وأمتن المراكب الخشبية في أرض لا أشجار فيها ولا خشب (!) وأشير اليوم إلى مقدرة المزارعين القدماء الذين حرثوا وبذروا وسقوا وحصدوا في أرض يندر فيها الماء ومناخها «متطرف» بين صيف حارق وشتاء صاقع.
****
عرفت الكويت الزراعة الثابتة في المزارع منذ القدم في الأرياف مثل أبوحليفة والفنطاس والشعيبة والجهراء وأيضا في جزيرة فيلكا وكذلك قرية حولي المعروفة بعذوبة الماء فيها. كما عرفت الكويت الزراعة الموسمية التي تعتمد على الأمطار لزراعة الحبوب مثل القمح والشعير في عدد من المواضع منها منطقة العديلية الحالية.
ورغم انعدام الثمر فيها فقد حرص المزارعون القدماء على زراعة أشجار «الأثل» لصد الرياح عن المزروعات وفي المواسم التي تشح فيها الطماطم في البصرة وعبادان كانت الكويت تصدرها إلى تلك الأسواق لوفرتها فيها. وقد عرفت الكويت زراعة الخضراوات والورقيات ومنها الجت أو البرسيم (طعام الحيوانات) وكان فيها 4300 نخلة في مطلع القرن العشرين حسب لوريمر في «دليل الخليج».
****
الشعيبة قرية ساحلية كانت اشتهرت بزراعة البطيخ قديما (الفريدوني) وفي حديث مع أحد البحارة الأماجد قال لي: عند اقترابنا من الكويت كانت رائحة بطيخ مزارع الشعيبة «تبط خشومنا ونحن في الخشب» ويقصد تكسر أنوفنا برائحتها النفاذة ونحن في السفن لم نصل بعد.
www.salahsayer.com
salah_sayer@