www.salahsayer.com
salah_sayer@
نلهث وراء الحياة النيابية، ونطلق عليها اسم «الديموقراطية»، ونفاخر الآخرين بأننا نمارس العملية الانتخابية وأن الشعب الكويتي يقوم باختيار السلطة التشريعية التي لديها الحق بالرقابة على السلطة التنفيذية. فمنذ الاستقلال ونحن نتسابق إلى صناديق الاقتراع، ولم نزل نصفق للدستور ونهتف «يا دستور.. يا دستور»، وعندما توقفت حياتنا النيابية، فترة من الزمن، كادت قلوبنا ان تتوقف عن النبض، فاكفهرت الوجوه وضاقت الصدور وسحت الدمعات من العيون وبكت النوائح في الطرقات و«الفرجان والسكيك»، وكأن البلاد تعرضت لزلزال عظيم جعل عاليها سافلها.
> > >
الغريب العجيب والذي يستدعي التأمل اننا رغم هذا الولع البرلماني المدفدف في قلوبنا، الا اننا أصبحنا لا نتقبل مخرجات صناديق الاقتراع.
فما ان يبدأ فرز النتائج حتى تسمع اصوات الاستياء والتبرم تزعق في الأسماع.
أما اذا شرع البرلمان بالعمل وأبحرت السفينة فيبدأ النواح في طول البلاد وعرضها. ننتخب نوابا لنغضب منهم ونسخط عليهم ونشتمهم.
نمنح المرشحين أصواتنا من أجل فوزهم وبعد الفوز نشحذ السكاكين لذبحهم، في تجربة برلمانية أعجوبية.
نبكي غياب البرلمان ونبكي اذا حضر! نبكي للحصول على الدمية، ونكسرها عند الحصول عليها، ونبكيها بعد الكسر.
> > >
معادلة فانتازية يعجز علماء السياسة والاجتماع عن تقديم تفسير لها حيث الشعب يؤمن بأن الديموقراطية «حكم الشعب»، لكن الشعب يغضب اذا «حكم الشعب»! في متاهة جهنمية، وكأننا نردد مع القائل «خميس كمش خشم حبش وحبش كمش خشم خميس»، فمن المفهوم ان يستاء الناس من تشكيلة حكومية لم يختاروها وتم فرضها عليهم، لكن من غير المفهوم ان يغضب الناس من برلمان شاركوا باختياره، وتكبدوا عناء الاقتراع في مشهد سيريالي يمكن تفسيره بأن كل مواطن في هذه البلاد يعتقد في قرارة نفسه أنه هو وحده الشعب!