في المطعم اللبناني الشهير وعلى طاولة كبيرة في موقع بارز كانت تجلس سيدة وقور، وبعيدا عنها كانت تجلس (على الطاولة ذاتها) امرأة آسيوية يبدو انها وصيفتها الخاصة. وحالما قدم ضيوف السيدة إلى المطعم تناهى إلى أسماعنا ما يشير إلى أنها سليلة احدى الأسر الحاكمة الخليجية تحتفي بأصدقائها الذين انهمكوا بتبادل السلام والكلام وتناول الطعام، مثلما فعلنا نحن المتحلقين على الطاولة القريبة منهم قبل أن (تثغو) إحدى الحاضرات (معنا) لتفصح عن تقززها، مستغربة من مشاركة الخادمة تناول الطعام مع السيدة وضيوفها على مائدة واحدة!
***
كان الحضور على طاولتنا ينتمون إلى اكثر من جنسية عربية. فحاول أحدنا (خليجي) أن يشرح للمرأة (الثاغية) وهي كاتبة عربية (!) بأن الخادمة انسان، ولا ضير من مشاركتها الطعام، كما ان الخدمة في المنازل مهنة مثلها مثل سائر المهن. وأضاف أن الجميع شاهد على اليوتيوب مشاهد حميمية مصورة لمواطنين ومواطنات من الخليج يزورون خدمهم في بلدانهم الأصلية التي عادوا إليها بعد طول اغتراب، وتلك إشارة تدل على الاحترام الذي تكنه تلك الأسر للعاملين لديها مثلما تدل على حسن العلاقة الإنسانية بين الخادم والمخدوم. كما ان هذا التعامل الطيب معهود بيننا وسجية من سجايانا.
***
رغم وجاهة رأي صاحبنا الخليجي استمر (الثغاء والمأمأة) وشرعت الكاتبة المنزعجة بترديد عبارات رخيصة لا معنى لها مثل قولها ان «الناس مقامات فكيف يأكلون مع بعض؟»! فتذكرت أبي- رحمة الله عليه- الذي كان يحرص على تناول وجبة الغداء مع العمال كلما جاؤوا إلى بيتنا أو مزرعتنا للبناء او للزراعة. وكان ذلك، ولم يزل، مشهدا مألوفا لدى الناس في المجتمعات الخليجية. وأختم بحقيقة طمستها الذاكرة وهي أن «النسوة العربيات» كن يعملن في البيوت الخليجية قبل ان تعرف مجتمعاتنا في الخليج العمالة الآسيوية، ولم تخدش هذه الحقيقة احترام وتقدير الاسرة الخليجية للمرأة العربية المكافحة.
www.salahsayer.com
salah_sayer@