الولايات المتحدة تضغط في اتجاه استئناف مفاوضات السلام بين الفلسطينيين واسرائيل، والحكومات العربية توافق لكن بطريق غير مباشر، ولا جديد في الامر حيث ان مفاوضات السلام هذه ليست الاولى ولن تكون الاخيرة منذ بدايتها في عهد الرئيس الاميركي الأسبق كارتر، فهي دائما تبدأ ثم تتوقف ثم تستأنف حسب طبيعة الادارة الاميركية وطبيعة تشكيلة ائتلاف الحكومة الاسرائيلية دون ان تحقق الشروط المطلوبة للسلام.
بعد دخوله البيت الابيض، زار الرئيس اوباما القاهرة وألقى خطابا مطولا اعرب فيه عن احترامه للاسلام والمسلمين وعن ايمانه بحل الدولتين من اجل انهاء الصراع في المنطقة. لا ننسى ان سبب الزيارة كان في الاساس محاولة لإزالة الانطباع السيء الذي خلفته سياسات الادارة الاميركية السابقة في المنطقة العربية اثناء حملتها على الارهاب، وعلى ارض الواقع لا يوجد حتى الآن اي مؤشر على ان ادارة اوباما مهتمة باتخاذ اجراء عملي من اجل الوفاء بتعهدها بحل الدولتين، بل ان الوضع ازداد سوءا عما كان عليه في السابق، حيث جاء الاسرائيليون بحكومة اشد تطرفا وتعنتا وعدوانية يرأسها المتطرف نتنياهو الذي اعلن انه غير معني بمفاوضات السلام وافصح عن خطة حكومته بناء 1600 وحدة سكنية في القدس الشرقية المحتلة في تحد سافر اثناء استقباله نائب الرئيس الاميركي بايدن، كما قامت حكومته بضم الحرم الابراهيمي ومسجد بلال بن رباح وحائط القدس الى ما تدعي انه يتعلق بإرثها التاريخي، مع استمرارها في محاولاتها هدم المسجد الاقصى الرمز الاسلامي الصامد من خلال عمليات الحفر المتعمد تحت اساساته بحجة البحث عن هيكل سليمان عليه السلام الذي لم يعثر على اي اثر له حتى اليوم، وحصارها غزة، كل ذلك يحدث امام مرأى ومسمع من الادارة الاميركية الحالية راعية عملية السلام دون ان تمارس اي ضغوط لوقف هذه الاعتداءات الاسرائيلية التي تنسف عملية السلام من اساسها، انه اعلان عن عدم مصداقية ادارة اوباما في تحقيق سلام حقيقي يضاف الى قائمة عدم جدية الادارات الاميركية السابقة كما لو اننا امام مسرحية لا ندري متى تنتهي فصولها، ما من خيار امام العرب الآن ـ وهم معذورون ـ سوى البحث عن استراتيجية جديدة لمواجهة التعنت الاسرائيلي.