النجاح الكبير الذي حققه حزب العدالة والتنمية في اختراق جدار الممانعة العلمانية فتح الباب أمام إصلاحات دستورية قادمة كما وضع حدا للصراع الدائر بين المشروع الديموقراطي وتسلط العسكرتاريا حماة العلمانية في تركيا والتي لا تختلف عن العسكرتاريا التي ابتليت بها منطقتنا العربية. حدث ذلك يوم 21/9 الفائت عندما صوت 58% من الشعب التركي مع اقتراح الحزب بتغيير 26 مادة من مواد دستور عام 1982 الذي وضعه قادة الانقلاب العسكري في العام 1980 من اجل اجهاض حركة الاصلاح السياسي التي كان يقودها التيار الاسلامي بزعامة نجم الدين أربكان في ذلك الوقت. بعد هذه التعديلات، التي من ابرزها فرض استقلالية السلطة القضائية ومنعها من التدخل في صلاحية الحكومة والبرلمان ومحاكمة افراد الجيش في المحكم المدنية وكذلك المدنيين بعد ان كانوا يحاكمون في المحاكم العسكرية، سيتمتع البرلمان والحكومة بصلاحيتهما في اتخاذ القرارات المناسبة دون تشويش من السلطة القضائية وسيعود الجيش الذي انهك مؤسسات الدولة وأوقف عجلة التنمية بانقلاباته الى ثكناته ليمارس مهامه في حماية الدولة ويترك مهمة إدارة شؤونها لأصحاب الشأن وهم الساسة، وبذلك يكون حزب العدالة والتنمية بزعامة اردوغان قد حقق انجازا عظيما للدولة التركية ورفعها الى مصاف الدول التي تحترم إرادة شعوبها. وهذا الانجاز لم يكن ليحصل لولا الثقة التي اولاها الشعب التركي للحزب بعد ان اوفى بتعهداته في تحقيق نمو اقتصادي طالت آثاره جميع فئات الشعب التركي. إن تجربة الشعب التركي في استعادة حقوقه الديموقراطية يجب ان تكون نموذجا تحتذي به الدول الإسلامية التي تتوق شعوبها إلى ممارسة ديموقراطية حقيقية.