لم تتوقع الحكومة الصهيونية صدور إدانة من الأمم المتحدة لسياسة الاستيطان الصهيوني في الأراضي المحتلة، لكن يبدو أن توقيت أوباما في آخر ما تبقى من أيام رئاسته للسماح لإصدار مثل هذه الإدانة كانت صفعة قوية موجعة لنتنياهو الذي لم يكن يتوقع هذه الصفعة من أقرب الحلفاء إلى كيانه وأكثرهم مودة ودعما لسياساته المتحدية للقانون الدولي. ولعلها كانت ضربة انتقامية من أوباما لنتنياهو الذي تحدى البيت الأبيض عندما زار الكونغرس وحاول إفشال الاتفاقية النووية مع إيران. ومع أن هذه الإدانة لن توقف سياسة الاستيطان الصهيوني في الأراضي المحتلة التي تحظى بموافقة أميركية لكنها تفضح أمام العالم بمباركة غير مسبوقة من الحليف الأميركي السياسات الصهيونية التي اعتادت تحدي القانون الدولي.
لعبة الانتقام التي مارسها أوباما ضد نتنياهو تكشف لنا عن مدى التغلغل الصهيوني في القرار الأميركي، ويبدو أن إدارة أوباما أحست بالتململ الشديد من التدخلات الصهيونية في سياساتها الخارجية ولم تعد تحتمل المزيد منها، ومع ذلك لم ترتدع حكومة نتنياهو من الموقف الأميركي، وشنت هجوما شديدا على أوباما ووزير خارجيته كيري وتوعد اللوبي الصهيوني الأخير بالقضاء على مستقبله السياسي كما استدعت السفير الأميركي دانييل شابيرو واجرت معه تحقيقا حول الموقف الأميركي، وانضم إليها مجموعة من اليمينيين المحافظين من الحزب الجمهوري وعلى رأسهم غنغريتش ليوبخ كيري على خطابه ضد الاستيطان، ويرى في ذلك طعنة لإسرائيل في الظهر، كما أبدى الرئيس القادم ترامب خيبة أمله بالموقف الأميركي واعتبره ازدراء لإسرائيل وتعهد بإعادة علاقة بلاده الحميمة مع إسرائيل.
عندما يتابع المرء هذا المشهد من الهجوم العنيف من قبل الحكومة الصهيونية وحلفائها الأميركيين من المتطرفين اليمينيين ومن قبل الرئيس القادم ترامب على الإدارة الأميركية الحالية التي أضحت في موقف الدفاع عن نفسها يشعر بخيبة أمل من هذه الدولة العظمى بل ويشعر بالشفقة عليها وقد أضحت تحت رحمة كيان صغير أقاموه ورعوه منذ وقت قصير حتى كبر وصار غولا لا يستطيعون السيطرة عليه ولا تفادي ثورة غضبه عليهم. ومن المؤكد أن تسلم ترامب للرئاسة سيزيد من التشدد الصهيوني وتحدي القانون الدولي في بناء المزيد من المستوطنات بعد أن أبدى تعاطفه مع إسرائيل ضد حكومة بلاده وتعهد بنقل السفارة الأميركية إلى القدس وسيجعل من حل الدولتين أمرا مستحيلا وعلى العرب الاستعداد لمرحلة جديدة من التعامل مع الصهاينة.