من تصريحات الرئيس الإيراني حسن روحاني التي رافقت زيارته المكوكية الخاطفة إلى الكويت وإلى سلطنة عمان (سياسة الجمهورية الإسلامية الإيرانية قائمة على حسن الجوار وضمان الأمن في المنطقة ولم ولن تفكر مطلقا بأي اعتداء على أحد أو أي تدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، كما أنها لا تريد فرض عقائدها الدينية أو المذهبية أو السياسية على الآخرين، فسياستنا لطالما كانت قائمة على التعاون مع الأصدقاء والدول الإسلامية) انتهى.
وهذا التصريح ليس بالجديد وأصبح أسطوانة مشروخة دائما يرددها المسؤولون الإيرانيون في المناسبات ولا يمثل نقطة تحول في السياسة الإيرانية تجاه دول الخليج أو دول المنطقة العربية من حيث أنه يناقض المبادئ التي قامت عليها الثورة الخمينية.
فإيران ما بعد الثورة لا تزال دولة أيديولوجية دينية على غرار الكاثوليكية البابوية التي حكمت أوروبا خلال الأزمنة الغابرة والتي تدعي أنها تملك الحقيقة المطلقة، ولا تزال تمسك بمبادئ ثورتها التي قامت على أساس تصدير الثورة ونشر الثقافة الشيعية المتطرفة في بلاد المسلمين على الطريقة الصفوية، ودق اسفين الخلافات المذهبية بين الأقليات الشيعية والأكثرية السنية فيها، وتعريض استقرارها للخطر. بل أصبحت أكثر تطرفا من أي وقت مضى بعد سيطرة المتشددين على مقاليد السلطة وإقصائهم لمنافسيهم من الزعامات الإصلاحية كخاتمي وموسوي وغيرهما.
وما يؤكد على عدم مصداقية تصريحات روحاني هو الواقع الذي يعيشه لبنان واليمن وسورية والعراق من حروب واستقطابات طائفية نتيجة التدخلات الإيرانية، ولا ننسى التدخل الإيراني في دولة البحرين الشقيقة القريبة منا ومحاولة إقامة نموذج طائفي لبناني فيها.
لن تغير إيران من سياساتها تجاه دول المنطقة أو العالم الإسلامي إلا إذا تخلت عن سلوكها الصفوي المتطرف وهو أمر يستحيل في الوقت الحالي أو المستقبل القريب في ظل سلطة المحافظين المتشددين المتمسكين بمبادئ الثورة الخمينية.
وعلينا أخذ الحيطة والحذر من النوايا الإيرانية المبيتة تجاه منطقتنا العربية التي نرى آثارها على أرض الواقع كل يوم من بلاد اليمن غربا إلى بلاد الشام شرقا وسيكون لتصريحات روحاني صدى كبير في إصرار دولنا الخليجية على المزيد من التنسيق في كافة الأصعدة لصد الخطر القادم من إيران.
***
أخيرا انصاعت الكنيسة الكاثوليكية في أستراليا لدفع تعويضات مالية بملايين الدولارات لضحايا الاعتداءات الجنسية التي كانت ترتكب منذ خمسينيات القرن الماضي ضد الأطفال ومن قبل القساوسة الكاثوليك الأستراليين.
ومع جسامة هذه الجرائم في حق الأطفال وتورط رجال الدين فيها تم إغلاق ملف تلك الجرائم بكل هدوء ودون إثارة إعلامية ضد المسيحية ورجال دينها.
ترى ماذا لو كانت الجرائم ارتكبت من قبل رجال دين مسلمين؟ طبيعي ستكون موضوعا إعلاميا ناريا يضاف إلى موضوع داعش لتشويه سمعة الإسلام والمسلمين.
***
اليمينية المتطرفة مارين لوبان زعيمة الجبهة الوطنية زارت لبنان منذ أيام لإبداء تعاطفها مع المسيحيين اللبنانيين ومسيحيي الشرق ولضمان أصوات الفرنسيين المسيحيين من أصول لبنانية في الانتخابات الرئاسية القادمة، مع أنها تؤمن بعلمانية الدولة الفرنسية ومبدأ فصل الدين عن الدولة.
هذا يكشف لنا عمق الرابطة الدينية لدى الساسة الفرنسيين العلمانيين التي لا نجد لها مثيلا لدى مدعي العلمانية من العرب المسلمين.