لم يكن من قبيل الصدفة أن تتعرض بلدة خان شيخون في إدلب إلى اعتداء بسلاح كيماوي عبارة عن غاز أعصاب هو السارين من قبل نظام الأقلية الدموي في سورية، راح ضحيته العشرات من المدنيين الأبرياء من بينهم 30 طفلا، وذلك بعد تصريح ترامب باعتبار أن الأولوية في سورية ليست رأس النظام بل مكافحة داعش، وبعد يوم من تعرض قطار مترو سان بطرسبيرغ لعملية انتحارية نفذها شاب قيرغيزي.
فالدلائل تشير إلى أنها عملية جريئة نفذها ذلك النظام نيابة عن روسيا كرد انتقامي على اعتداء سان بطرسبيرغ دون أي خوف من المحاسبة الدولية طالما أنه يحظى بغطاء من حليفه الروسي في مجلس الأمن، وكتشجيع غير مباشر من الإدارة الأميركية بعد ذلك التصريح من ترامب تجاه النظام السوري.
وما الذي يخشاه ذلك النظام من استخدام غاز الأعصاب لقتل الشعب السوري بعد أن أفلت من العقاب منذ أن ارتكب جريمة الاعتداء الكيماوي على الغوطة في العام 2013 وأدى إلى إزهاق أرواح المئات من المدنيين في تحد سافر للرئيس السابق أوباما بعد تجاوزه الخط الأحمر الذي رسمه له، كأنه يعلم مسبقا أن التهديد الأميركي لم يكن سوى مجرد كلام، وأن الإدارة الأميركية لا يعنيها ما يرتكبه من جرائم ضد الشعب السوري مادام أن المعركة الأساسية هي مع «داعش» وليست معه.
وهنا تكمن خطورة هذه المواقف المتذبذبة من هذه الدول الكبرى في زيادة معاناة الشعب السوري دون شعورها بتأنيب الضمير جراء الجرائم البشعة التي يرتكبها هذا النظام، والتي تعتبر جرائم حرب ضد الإنسانية بكل المقاييس تحت ذريعة داعش أولا، مع أن نظام الأقلية الطائفي في سورية تتجاوز خطورته «داعش» بكثير بعد أن هجر الملايين من الشعب السوري، وقتل ما يزيد على 400 ألف سوري بالبراميل المتفجرة وغازات الأعصاب السامة والأسلحة الثقيلة والطيران الحربي وحملاته الممنهجة في تدمير المدن السورية على رؤوس ساكنيها.
إلا أن الرئيس ترامب يبدو أنه قد غير رأيه تجاه النظام السوري بعد الاعتداء الكيماوي على خان شيخون، حيث قام بخطوة بناءة لا يمكن التقليل من شأنها بتوجيهه ضربة صاروخية مدمرة لمطار الشعيرات العسكري الذي خرجت منه طائرات النظام السوري لتقصف خان شيخون بغاز السارين.
فقد فضحت هذه الخطوة التي كنا ننتظرها بفارغ الصبر أكاذيب وجرائم هذا النظام القاتل أمام العالم، ولعلها بداية الطريق لوضع حد لجرائمه ومحاكمته كمجرم حرب وفرض الحل السياسي الذي ينتظره الشعب السوري منذ انبعاث ثورته المباركة، كما فضحت موقف أوباما الضعيف الذي كان يدعي صعوبة القيام بأي ضربة عسكرية ضد النظام السوري.