طلال الهيفي
يصادف في بعض الأحيان أن نسمع أو نقرأ خبر تحطم أو مقتل شخصية سياسية أو فنية والأسباب غامضة أو مجهولة، ليطوى مع هذا الحادث سر من أسرار الحياة، مع العلم أن الضحية المنكوبة قد تخلف وراءها العديد من الأدلة الملموسة التي تشير إلى أن الحادث بفعل فاعل، إلا أننا نجبر أنفسنا على أن نتجاهل حقيقتها ونصدق ما أملي علينا خوفنا من أبعاد وشبهة هذه المؤامرة فتصبح قصة من الماضي نستشهد بها في حكاياتنا التي لا تنتهي، وحين نسترجع أبرز الجرائم التي تناقلتها وسائل الإعلام بشكل مفصل خلال الفترة الراهنة مع العلم من تواضع ضحيتها التي لم تشتهر كنجمة أكثر ما اشتهرت كشخصية مغدور بها وهي المطربة سوزان تميم التي قتلت في ظروف غامضة تنكشف فصولها لنا في كل يوم عبر تسريبات مقننة من السلطات الجنائية المصرية، بعد أن أشار المتهم الأول بضلوع عضو مجلس الشعب المصري والملياردير هشام طلعت في هذه القضية لتتجلى أبعاد هذه الجريمة وإن كانت لها فصول كثيرة قادمة، إن لم يتم حفظها ضد مجهول كما جرت العادة، ومن ضمن هذا الملف الحافل بقصص المؤامرات ما تداولته الصحف الأميركية نبأ وفاة أشهر مدبرة بغاء في فصول غامضة لم يتم الكشف عن تفاصيلها، بعد أن أدلت في لقاء تلفزيوني بأنها ستفضح شخصيات مهمة إن تعرضت لمضايقات، فما هي إلا أيام وصمتت للأبد ومعها أسرارها التي لم تطلع أحدا عليها ودفنت معها، ومن ينسى نهاية سندريلا الشاشة العربية سعاد حسني وما آلت إليه نهايتها بتضارب الأسباب والدلائل حول موتها بعد أن أشارت هي الأخرى إلى نيتها في إصدار كتاب عن حياتها تضم فيه تجاربها مع تلك الشخصيات المهمة، فما هي إلا الأيام حتى علمنا بسقوطها من شرفة الشقة في ظروف غامضة، والبحث في هذا الجانب لا يقف عند زمان أو مكان معين، فالتاريخ يحفظ في طياته العديد من هؤلاء المنكوبين، وإن كان من أبرزهم الرئيس السابق للاستخبارات الأميركية عندما وجد ميتا في احدى البحيرات غرقا أثناء مزاولة هوايته صيد السمك في ظروف مجهولة بعد أن صرح أيضا لإحدى الصحف بأنه سيفصح في مذكراته عن تفاصيل مقتل الرئيس الأميركي جون كنيدي، فما كان من تصريحه هذا إلا أن كتب شاهد قبره ونسب غرقه كالعادة لظروف غامضة بمباركة الجميع، ومن ينسى موت الأميرة ديانا مع صديقها دودي الفايد وتصريحها المثير بأنها ستتزوجه ومن ثم ما آلت إليه الأحداث بعد ذلك بصورة دراماتيكية أدت إلى موتها وحتى اليوم القاتل مجهول.
نلاحظ أن الجميع في هذه الحالات السابقة اشتركوا في مجموعة نقاط وان كان أبرزها هو شخصية القاتل المجهول التي تمثل الشخصية الغامضة في حسم الأمور والتخلص منها وثاني هذه النقاط التحول في الشخصية الرئيسية وأعني بها الضحية عندما ينازع قوى أقوى منه ويتحداها في مواجهة غير متكافئة بين الطرفين تتسم بالجرأة غير المنطقية والثقة الزائدة.
إذن الكل يتفق على أن كل ما يعرف لا يقال والعكس صحيح، فأحيانا الأسرار ينبغي أن تظل حكرا على أبطالها حتى لو لم تكن مؤثرة فكم من وجوه مملوءة بالأسرار إلا أنها تنعم بحياة هانئة في ظل مبدأ المثل الذي يقول «ومن الكلام ما قتل».