طلال الهيفي
ارتأيت عدم الخوض في الرد حتى تيقنت من حقيقة الغمز واللمز الذي صدر من أحد الكتاب، متهما شريحة كبيرة من الزملاء الكتاب بأنهم أصحاب أقلام مأجورة ولحم فاسد، وحدد ثلاثة كتاب على أنهم الوطنيون المخلصون وهذه إدانة أتت من زميل عرف عنه السكينة والهدوء ولم نعهده بهذه الحدة سوى من خلال تبنيه مواضيع التجاوزات في المال العام، ولكن ما الذي دفعه إلى الضغط على قلمه بهذه القسوة من دون موضوعية، ونثر حبره على زملائه مخلفا مزيجا من البقع العبثية عليهم، الأمر الذي دفعني للبحث فيه لأصل إلى أمرين أولهما: هل أتى هذا التحول رغبة منه أم ان هناك تحالفا خفيا وخطة مدروسة متزامنة مع ما تبناه الكاتب المحامي عبر تجمع أعلن عن ترؤسه تحت شعار المحافظة على المال العام بعد أن مال ميزانه عن الحق وفشل في استنهاض المشاعر والعواطف لكي تمنحه مكانة بين صفوف المعارضة إلا أن الوعي الشعبي أفسد حلم هذا المستأسد وخيب ظنه؟!
أما الاستنتاج الثاني الذي يصور هذا التشنج في الرأي والتصوف في الهوى ومنح صكوك الوطنية لمن شاء فهي محاولة رخيصة لمحاكاة الغرائز وليس العقول وللأسف الكثير منا من يحكم هوى غرائزه على عقله، أما الهدف من هذه الفكرة فهو استقطاب شريحة من المؤيدين لتأسيس لوبي كوسيلة ضغط وتأثير على بعض القرارات السياسية وإن كنت أرجح هذا الاستنتاج وهو ليس بعيدا عن الأول، ولكن لأوضح لك معلومة يا زميلي الكاتب وإن كنت أقدر حسك الوطني إلا أن ما لا تعلمه أنك تراهن على شخصيات عرف عنها الشخصانية وحب الذات وستكشف لك الأيام ما كنت به جاهلا، فأحد الذين صنفتهم على أنهم وطنيون هم في الحقيقة عكس ذلك بتاتا، فهو أي الذي نسبته للوطنية استقال من وظيفته العسكرية لأسباب يعلمها هو بنفسه حيث امتهن البلطجة ومارسها أثناء عمله الجديد بوظيفة مهندس في أحد قطاعات وزارة ذات طابع فني وراح يبتز كل وزير يترأسه مستغلا وظيفته بالصحافة ولا يتوانى عن ممارسة ذلك بل ذهب بعيدا بفرضه إتاوات شهرية على مرؤوسيه في العمل من خلال توفير سيارة من حساب المشاريع المكلفة بها الوزارة ليستبيح خنوعهم ويفرض عليهم أكثر من ذلك بتوفير ميزة الهاتف النقال مفتوح الرصيد وكل ذلك حتى يسلموا من تنكيله وسخريته المميزة في الكتابة، والأدهى من ذلك أيضا أن هذه الشخصية البروغماتية المدعية الانتماء للروح الشعبي هي شخصية لا تمارس عملها ولا تحضر إليه بعد أن أعفي من بصمة الدوام وهو بذلك يصبح مستنفعا ومستغلا لهذه الوظيفة ولا يستحق هذه الامتيازات الخاصة وهذا مثال لأحد الوطنيين الذين تؤيدهم!
إذن يا زميلنا العزيز من الأجدر ألا نصم بعضنا بما ليس نحن فيه، فلكل قضية رأيان مؤيد ومعارض، ودوران الحياة الطبيعي يفرز التحولات والمتغيرات التي تتم في التسلسل المجتمعي.. فاليوم أنا معك ولكن ليس بالضرورة أن أكون غدا معك فلولا هذه الاختلافات لما ارتقينا فلنتجرد قليلا في الطرح ولنكن موضوعيين واللحم الفاسد سرعان ما تظهر عفانته وعدم صلاحيته.
[email protected]